بين القصرين > مراجعات رواية بين القصرين > مراجعة Mohamed Khaled Sharif

بين القصرين - نجيب محفوظ
تحميل الكتاب

بين القصرين

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

رواية "بين القصرين لـ"نجيب محفوظ" هي الجزء الأول من ثلاثية القاهرة، التي تُعد بمثابة أهم أعمال محفوظ الأدبية، ودرة تاجه، ورُبما هي الأكثر شهرة والأكثر قراءة له، فتكون كُل تلك العوامل سابقة الذكر، بمثابة سداً منيع، يحول بينك وبين قراءة الثلاثية، ويجعلك تهابها، وتظل تؤجلها مرة بعد مرة بعد مرة، ولكن بمجرد أن تشرع في قراءة الجزء الأول، تجد أن هذا السد هش للغاية، وأنه بتوالي الجمل والكلمات، يسقط السد وكأنه لم يكن!

يأخذنا "نجيب محفوظ" إلى عالم ضيق يتوسع بالتدريج، أسرة مكونة من سبع أفراد، أب وأم، ثلاثة رجال مُتفاوتي العمر، وابنتان، ليس بينهم فارق عمر كبير، وعند أكثر من ربع أو ثُلث الرواية شعرت أن هذه الرواية رواية شخصيات، وليست رواية أحداث، وصف هائل وشامل ودقيق، لكل الشخصيات، حتى العابرة، يسبر "محفوظ أغوار شخصياته، فيتكلم بلسانها وكأنهي هي، فلا تستطيع أن تُفرق بينه وبين شخصياته، ولكنك بكل تأكيد ستلحظ تلك الشخصية الجبارة المُستبدة "السيد أحمد عبد الجواد"، وأظن أنك ستهابه وتخافه كعائلته، وتغتاظ منه وتسبه، وترق له وتتعجب أنه أحياناً ما يُبدي الحنان بأشكاله المُختلفة، هذا السيد المُتناقض، صاحب الوجه الكشر الكالح في منزله، ولكنه في سهراته الماجنة والفاسقة يكون داعراً، لسانه لا يقول من الألفاظ إلى قبيحها، وأفعاله لا يقوم إلا بأسوأها وأكثرها مجوناً وعربدة، كيف لشخصية أن تكون بهذا التناقض وتُكتب بسلاسة تجعلك تتقبل تناقضها، وكأنه طبع أصيل في الحياة، ليس مُدخلاً، وكأنه عادياً أن يكون مُتديناً وسكيراً في نفس الوقت، أن يخاف على عرض بيته ونساءه، وينهل من نساء أخريات، أنه السيد أحمد عبد الجواد، أكثر الشخصيات التي ستقرأ عنها إثارة للجدل والغيظ، فكيف سيكون شكل أبناءه وتربيته؟ كيف سيكون شكل زوجته؟

شخصية كالسيد لن تقبل إلا أن تُعامل كالآله في منزله، أمره مُطاع، صوته يُزلزل أولاده ويرعبهم، هو الذي يقول لهم كُونوا فيكونوا، بل ويسبحون بوجوده وبحمده! فعندما يتزوج كيف تكون شكل زوجته؟ لن تكون كأم ياسين زوجته الأولى، التي طلقها لأنهم لم يتوافقا، هي متحدية أكثر من اللازم وهو يرى ذلك طعناً في ذكوريته وفحولته، بل ستكون كالست أمينة، تلك السيدة التي تُجسد الخنوع والخضوع، هي الزوجة المثالية له، بل وسيجد فيها عيوباً، ويسبها ويُعنفها، ويُعاقبها لهفوات بالنسبة له، الأفكار الداخلية للست أمينة كانت دليلاً على خنوعها وبالأخص عند تحدثها عن الإنجليز ورأيها في وجودهم في مصر وقبولها بذلك! إذاً هي محبة للخنوع والخضوع بأي شكلاً كان، هناك مثلاً شعبياً قبيحاً له نفس الدلالة ولكني لا أستطيع ذكره هنا بالطبع.

ثم تُفرد مساحة الفصول للتواصل مع الأبناء، وشخصياتهم المُختلفة والأهم خلفياتهم، وعلى الأخص شخصية "ياسين" المُركبة، وماضيها المآسأوي، وتأثير ذلك على قرارته، وزلاته، وكسله واتكاليته. حبه وكُرهه للنساء الذي يراهم كلهم كأمه!

ثم كان "فهمي" هو أقرب الشخصيات تفكيراً ووضوحاً ومثالية، بعزلته وسطهم، وطريقة تفكيره المختلفة تماماً، حتى وصل إلى أنه قد عصا رب الأسرة وجهر بتلك المعصية البينة، أتلك هي المعصية التي أدت إلى مصيره المآسأوي؟ المصير الذي كتبه "نجيب محفوظ" وأنهى به الرواية بخاتمة قاتمة، سودواية، أكبر بكثير من السودواية التي تغرق فيها الأحداث من الأساس!

ختاماً..

جزء أول فاق قدرتي على الدهشة، ودخلت بسقف مرتفع من التوقعات ولكني وجدت الرواية أعلى قليلاً من هذا السقف، وذلك لا يجعلني أنكر أن الرواية بها بعض الفصول والأحداث الغارقة بالملل، رُبما ساعدت على فهم الشخصيات ودوافعهم بشكل أكبر، ولكنها جعلت الأحداث وسلاستها في التنقل أكثر ترهلاً وتخمة.

لا يزال حظ "نجيب محفوظ" في الأفلام المُقتبسة سيئاً، فالفيلم المُقتبس كان أخف سودواية، ونغمته أكثر تفائلاً ومرحاً، رُبما رحمة بالمشاهدين وقتها وظروفهم المُحيطة.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق