تلاوات المحو: ثلاث دهشات لحياةٍ أخيرة > مراجعات رواية تلاوات المحو: ثلاث دهشات لحياةٍ أخيرة > مراجعة Mohamed Khaled Sharif

تلاوات المحو: ثلاث دهشات لحياةٍ أخيرة - مصطفى منير
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

رواية "تلاوات المحو" هي الرواية الخامسة للكاتب "مُصطفى منير" والتجربة الأولى لي مع الكاتب.. ولكن من الواضح أن هذه الرواية يعتبرها الكاتب أهم ما كتب وطبعاً ذلك واضح من المجهود الكبير المبذول في الرواية وأيضاً الحجم الكبير للرواية التي جاءت في حوالي 430 صفحة.

رواية "تلاوات المحو" هي رواية تصنيفها الأدبي ديستوبيا خالصة.. ولكن دعني أضيف كلمة بعد ديستوبيا.. هذه الرواية هي ديستوبيا دينية. بالطبع ممزوجة بالسياسة والأدب والفن والجنس ولكن أهم ما مُزج بالديستوبيا هو الإنسان نفسه.. ذلك الكائن المُحير والمُربك الذي هو أصل كل شر.

فبعد الإهداء اللطيف للغاية وإبتسامة ستمر على وجهك مرور الكرام، ومن بعدها ستعيش ديستوبيا سوداء خالصة.. فالرواية تبدأ مع أحداث غير عادية غير مألوفة.. تبدأ بقبل يوم القيامة بسنة.. كيف عرفوا؟ ببساطة وجدوا السماء تمطر كتباً تحمل أعمالهم.. وآخر صفحة مدونة هي يوم 3 أبريل.. فتوقعوا أن هذا اليوم بالتأكيد هو يوم القيامة وأن الله يُعطيهم فُرصة ليتوبوا ويستغفروا.. ومن هُنا تبدأ الأحداث السوداء.

فكما نعلم الحماسة ستتملكنا نحن بنو الإنسان لكي نستغفر ونصلي ونتوب ونُعطي من أموالنا.. وسترى كم مُفارقات عجيبة وغريبة.. فنانون وساسة وأسياد المجتمع يهرعون لكي يكونوا فُقراء.. لكي يعملوا أدنى الأعمال مثل تنظيف الحمامات.. وكأنهم يعلمون أن ما يعيشون فيه من ترف وبذخ هو ضلال مُبين.. الأموال لم يصبح لها قيمة الآن.. فلا تتعجب لو رأيت أموال بالأكوام في الشارع ولا يُعيرها أحد إنتباهه.. فبماذا ستفيد الأموال يوم لا ينفع مال ولا بنون؟

بعد الحماسة الزائدة كعادة أي توبة ليست خالصة يعود بنو البشر ببطء إلى طبيعتهم حتى يصلوا إلى مرحلة أكثر شراً من السابق.. قتل وظلم وقمع حريات والكل صادر من صاحب الأمر! هل تقدر على عصيانه؟

وبتشبيهات ساخرة وذكية استخدمها الكاتب لصاحب الأمر الذي تصور أن الله عز وجل يضع له مكانة خاصة بعد الإجراءات الخاصة التي فعلها مثل حرق الكتب كُلها وهدم مكتبة الإسكندرية وهدم المعابد والأهرامات وأبو الهول وكل الأضرحة..

لقد محا البشر نفسهم بأنفسهم.

وبالطبع بعدما تمادى البشر في طُغيانهم وكُفرهم.. جاء دور الدهشة الثانية.. وهي سقوط ملامح كُل البشر.. لم يعد لديه عين أو أذن أو فم أو أذن.. لا يرى لا يسمع لا يتكلم لا يشم.. أصبح الإنسان سجين جسده مع عقله فقط.

لتظهر الشخصيات المحورية في الرواية وهم: نعمة ومحيي بن طاهرة وفيليب ومحمد عبد القوي وبكار وعم آدم.. شخصيات مُختلفة غريبة مُختلة ولكن ظروفهم وحكاياتهم إستثنائية للغاية.

وتمضي الأحداث لنعرف ما يربط تلك الشخصيات ببعضها وماذا وضع القدر في طريقهم ومُستقبلهم.

الرواية بكل تأكيد غير مُريحة في القراءة لن تشعر بصفاء ذهني وأن تقرأها بل ستجد عقلك مُشتعلاً وبالسرد الأكثر من جيد للكاتب فستجد نفسك تُغلق الرواية قليلاً ليرتاح عقلك من الأفكار التي طُرحت أو الأسئلة التي تحاول إيجاد إجابة لها أو إلى أين تؤدي كُل هذه الأحداث الجهنمية.. الرواية جريئة جداً في طرحها وللآسف جاء هذا من سلبيات الرواية.. فبالطبع عالم الديستوبيا لا يتسم بقواعد وبالطبع لا أخلاق.. فستجد الألفاظ والجنس حاضرين بكثرة.. ولكن الكاتب أصر على الألفاظ والجنس بكثرة في كُل فرصة إذا كانت مُلائمة أو لا.. أعلم أننا على مشارف نهاية العالم والكاتب أحب أن يوضح أنه حتى بنهاية العالم سيُفكر الإنسان في الجنس والقتل.. ولكن الفرط في الاستخدام كان يضعني خارج أجواء الفكرة الأساسية والتي كانت جيدة جداً.. برغم أنه هُناك العديد من التحفظات بالطبع من الناحية الدينية ولكن..

ما وصل إليه بني البشر من طغيان وظلم وفساد وقتل وجعل الحرام حلالاً.. يجعلهم يستحقون ما وصلوا إليه في نهاية الرواية.. ومن المُمكن أن الوباء الذي اجتاح عالمنا الحقيقي هذه الأيام يكون كتذكير لنا أن مُجرد شيء لا تستطيع أن تراه جعلنا نلزم بيوتنا وأسقط العديد من سكان الكوكب أمواتاً..

والعظة لمن يتعظ.

Facebook Twitter Link .
2 يوافقون
اضف تعليق