وكالة عطيه
خيري شلبي
تدور احداث الروايه في خمسينيات القرن الماضي حيث ينقلنا الكاتب من عالمنا و من حياتنا إلي مكان لم نفكر يوما أن نراه بل لم نكن نظن أنه موجود في كوكب الأرض و ليس مصر فقط !!!!
إنها وكالة عطيه في دمنهور عاصمة محافظة البحيره و التي تسمي مدينة النور …
وكالة عطيه هي حي قائم بذاته محاط بالأسوار و له باب مغلق دائما و يفتح أحيانا بموافقة صاحب الوكاله " شوادفي " الذي كان مستأجرا لها من
" عطيه " ثم استولي عليها و رفض مغادرتها و أكتفي عطيه بحصوله علي بضعه قروش كل شهر لا تكفي مصاريف ادويته يومان و لا يستطيع إستردادها من شوادفي و لا بستطيع بيعها لأنها مستأجره من الوقف ..
ووكالة عطيه كانت في الأصل إستراحه للملك فؤاد و كانت من ضمن أملاك الأميرة شويكار الزوجه الاولي له و الذي طلقها بعد أن حاول شقيقها قتلة بعد خيانته لها و سرقة اموالها للصرف علي عشيقته اليهوديه ،،،،
وكالة عطيه هي دنيا ثانيه و عالم آخر يسكنها الصعاليك و المشردين و المتسولين و الشحاتين و بنات الهوي و العوالم و الحشاشين و الهاربين من القانون بعضهم يستأجر حجرات للنوم و البعض يفترش الأرض فكل مكان له أجر و ثمن و يتولي إدارتها بكل حزم و حسم و قوه هذا المدعو
" شوادفي "
تقود الأقدار شاب ريفي كان طالب متفوق بمعهد المعلمين و كان يتمني أن يكون يوما ما مدرسا للرياضيات لطلبة المرحله الثانويه و لكن كراهيه غير منطقية من مدرس بالمعهد يري أن أبناء الفلاحين المعدمين ليس لهم الحق في التفوق علي أبناء العائلات و الناس الطيبين و قام بكل جبروت يسحب ورقه الاجابه منه في إحدي الأمتحانات بحجة الغش و طرده مما أضطر الطالب الريفي للعراك معه و الأعتداء عليه بوحشيه تسببت له في عاهه مستديمه حيث فقد المدرس إحدي عينيه و كانت نتيجتها الفصل النهائي من المعهد و الحكم عليه بستة اشهر سجن مع إيقاف التنفيذ و يضيع حلم الشاب الريفي المتفوق ….
تقوده الصدفه الي ذلك المستنقع "وكالة عطيه "لتكون مأوي له حيث لا يستطيع العوده الي قريته خشية صدمة أمه و عقاب أبوه ،،
لم يحدد الكاتب للبطل أسما و كأنه رمز لشباب كثير فقدوا الأمل و ألقي بهم الي العالم السفلي !!!
يعرض لنا الكاتب نماذج من البشر تعيش في الوكالة
جاءت من قاع المجتمع لتعيش في تلك الوكاله تختلف أسمائهم و أعمارهم و ملامحهم لكنهم شخص واحد ليس له عائله و ليس له مؤهل و ليس له مكان علي الأرض و رفضه المجتمع فلجأ الي الوكاله متخذا منها سكن و عائله يبحث عن لقمة العيش و عليه أن يحصل عليها بأي وسيله مع أو ضد القانون .. الله في قلبه و لكنه يعصيه و كله ثقه و أمل في الغفران و كل شيء مباح لا حدود لاي فكره طالما بعيده عن خيانة أو أذي أي شخص آخر من ساكني الوكاله فهذا هو القانون الوحيد الذي يحترمه و الطاعه واجبه للشوادفي لأنه الكبير و الحامي و الحكيم أيضا لما يتمتع به من خبرة السنين ،،،
و من خلال الروايه نتعرف علي تلك النماذج من أين أتت و كيف أصبحت علي هذا الحال ..
منهم من كان ضحية امرأه و منهم من كانت ضحية زوج الأم و منهم من كان نتاج طمع العم و منهم من كان لقيط وجد في صفيحة زباله و منهم من كانت ضحيه العشق و قسوة الأخ …
كل واحد أختار لنفسه عمل فهذه عالمه و تلك ضاربة الودع و أخري دايه و هذا حرامي اتوبيسات تساعده إحداهن و هذا نصاب محترف يستغل زوجاته الأربعه في عمليات النصب خاصه في الموالد و هذا حانوتي و هذا صبي في غرزه ..
يتركوا الوكاله صباحا كل الي عمله و يعودوا مساء و قبل صلاه العشاء حيث تغلق الوكاله بابها لتبدأ السهره بين الخمر و القمار و سماع الست …
و يصبح الطالب المتفوق الريفي البسيط واحد من عدة ( صبيان ) أحدهم بعد أن حاول أن يجد عملا فلم يجد ،،،
بدأت الروايه و الشاب في المدرسه و أنتهت و هو في الزنزانه …
هل هو نتاج الجهل أم الفقر أم العنصريه ؟؟؟
اسلوب الكاتب في السرد ممتع للغايه فتقرأ و كأنك تشاهد فالتفاصيل في تحديد الاماكن و الأشخاص تنقلك من القراءه إلي المشاهده بل أن كل شخصيه في الروايه تصلح أن تستقل بروايه خاصه بها ..
تشعر و كأنك أمام فيلم سينمائي و ما عليك إلا وضع الموسيقي التصويريه له …
أستحقت الروايه ما حصلت عليه من جوائز و أستحق الكاتب أن يظل أسمه محفورا في سجل الأدباء العظام الذين أنجبتهم مصر ،،،