#قراءات_٢٠٢٢
كتاب نهر في الظلام .. هروب رجل من كوريا الشمالية .. لماساجي إيشيكاوا .
ترجمة محمد عبد العاطي .
من إصدار عصير الكتب للنشر و التوزيع .
( لم أولد مرة واحدة فحسب ، بل خمس مرات ، و في المرات الخمس تعلمت الدرس نفسه .. في حياتك أحيانًا عليك أن تمسك بتلابيب قدرك المزعوم ، و تدق عنقه )
عودة من جديد لأعمال السيرة الذاتية و التي دومًا ما تضئ داخلي ، و تُشعرني بفيض النعم حولنا و الذي كثيرًا ما ننساه خلال سعينا بدروب الحياة و مسئولياتها .
تلك الرحلة كانت في عالم بعيدٍ عنا .. حيث ولد و عاش ماساجي راوي القصة و بطلها باليابان ، لأب كوري و أم يابانية ، يحيا الابن و أخوته حياة عادية بعيدة عن مظاهر الترف ، حياة مرهقة نوعًا ما بسبب سلوكيات الأب التي تتسم بالقسوة و العنف .
في منتصف الخمسينيات و بسبب ارتفاع نسبة البطالة في اليابان و ركود الأحوال الاقتصادية ، و مع ظهور حركة شوليما الشيوعية بكوريا الشمالية و إطلاق حاكمها « كيم إيل سونغ » دعوات بعودة الكوريين لوطنهم الأم أرض الميعاد و التي ستكون « جنة على الأرض » ، مع وعود كثيرة ببدء حياة جديدة و ضمان ظروف معيشية ممتازة لمختلف طبقات الشعب .. هنا كان قرار الأب بالعودة و أسرته لكوريا الشمالية على الرغم من أن الأب بالأصل كان من سكان الجزء الجنوبي من كوريا !!
ترتحل الأسرة مطلع عام ١٩٦٠ محملة بالأماني و الآمال .. و التي للأسف تتكسر جميعها على صخرة واقع مربك .. حياة مرعبة لم تكن لتخطر ببال عاقل ، جوع ، فقر ، مهانة ، دولة تُدار بمبادئ غريبة بعيدة عن المنطق حتى بأبسط الأمور .
شعب يُصنف لطبقات .. أكثرها امتهانًا العائدين و الذين عُرفوا بالطبقة « المعادية » !! ... فلماذا طُلب منهم العودة إذن ؟
و على الرغم من محاولات الراوي الصمود و المثابرة من أجل تحسين أحوال الأسرة إلا أن هذا لم يكن شفيعًا له على الإطلاق .... الكثير و الكثير من البؤس و الشقاء بدرجاته التي تفوق العقل على استيعابها ، على مدار ٣٦ عامًا نعرف الحكاية .. حكاية نظام يقلب الأمور رأسًا على عقب !
( فالعبودية حرية .. و القمع تحرر .. و الدولة البوليسية جمهورية ديموقراطية .. و نحن الأسياد على أقدارنا لكن إن رجونا أمرًا مختلفًا فنحن في عداد الموتى )
ليستمر الراوي يحاول و يحاول ثم يقف و يتسأل ( ما المغزى من حياة ليس فيها سوى الألم ؟ حياة لم تختبر فيها سوى القسوة و الجوع و اليأس ؟ )
( أمضيت أكثر من ثلاثين عامًا في هذه الجنة على الأرض ، لم أحس بأنني حي حقا ، ثمة جزء مني فُصل و اُخرس ، و بعد مدة ، أحسست أن ذلك الجزء اعتراه الذبول كما يضمر أحد أطراف الجسم من قلة الاستخدام )
( عوملت معاملة أفضل قليلًا من معاملة الحيوان ، و أبقيت على حياتي بالكاد في أسفل قاع المجتمع )
ليقرر في أواخر عام ١٩٩٦ محاولة الهروب و العودة لليابان من جديد ، في رحلة محفوفة بالمخاطر يخوضها وحده ، على أمل إنقاذ أسرته بعد وصوله اليابان .. فهل نجح ماساجي فيما انتوى عمله .. أم أن يد القدر تأبى أن يصل لنهاية سعيدة ؟
سيرة ذاتية مؤلمة ، نُقلت بترجمة مميزة ، لتصور واقع لم أكن أتخيل حدوثه في سنوات أراها قريبة جدًا من ذاكرتي .. تلك الحياة التى نراها بأعيينا هادئة .. ربما على جانبها الآخر تحمل أقصى درجات البؤس .
كم هي مرعبة الحياة !!
#نهر _في_الظلام
#رقم_٦٧