مخاوف نهاية العمر > مراجعات رواية مخاوف نهاية العمر > مراجعة Salma.Ahmed

مخاوف نهاية العمر - عادل عصمت
تحميل الكتاب

مخاوف نهاية العمر

تأليف (تأليف) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

قراءة أولى ل"عادل عصمت"

وهنا أقف أمام مجموعة قصصية تحمل عنوان، يثير التأمل،ويستدعي حزن شفيف، فنهاية العمر هاجس وشبح يحوم حول الإنسان كلما اقترب من محطته الأخيرة، هو توقيع للحضور في سجلات الزمن الهرم في محاولة مستميتة منه لمواجهة الرحيل.

بصفة شخصية أعشق "أدب القصة" سواء القصة القصيرة، أو القصيرة جدًا ففي عالم القصص يختبئ السرد في جلباب سرد أخر، يواري الكاتب بعض ألغاز الحكاية وسط السطور في محاولة لإشعال ذهن القارئ، وحثه على النبش في أعماق ذاته لعله يجد شيئًا يشبهه

فإذا نجح الكاتب في إحداث هذا التماس، فقد كُتب لإسمه الخلود في عالم الأدب

لازالت مثلًا قصة "نظرة" لكاتبها الراحل العظيم يوسف إدريس تقفز إلى ذهني بكل تفاصيلها، وتنسج بداخلها ألف حكاية وحكاية، برغم مرور زمن طويل على كتابتها وسردها، وعلى قرائتي لها

فكل سطر فيها يحمل عبقرية السرد، الذي يفتح باب التأويل على مصرعيه، فهكذا يكون الإبداع الذي يربو بالتقادم.

انتقل هنا لقلم "عادل عصمت" ومجموعته القصصية التي تأرجح مستوى القصص فيها، فبعض القصص كانت مبتورة، تنتهي منها وأنت غير مستريح، فقد تركها الكاتب هكذا مفتوحة النبض والجرح، وبعضها كان ملغزًا، يطرح السؤال ويورث الحيرة مثل قصة "لن أتذكرك أبداً" فهناك دائمًا شخصًا أوصاك يومًا ما حين افترقتما، اوصاك أن تنساه وألا تتذكره أبدًا، فظل حضوره وتدًا في أعماق الذاكرة فيقول عصمت:

لماذا يكون البشر حاضرين أثناء غيابهم؟ أليس هذا أمرًا غريبًا؟ يستبد بهم طموح غريب بأن يكونوا مؤثرين وتاركين بصمة على الحياة بعد غيابهم.

أكاد أجزم أن كل من قرأ هذه القصة، قفز إلى ذهنه شخصًا ما، وربما بيتًا ما..شيئًا ما، ظن أنه نسيه، فيجد أنه فجأة يستدعيه بكل تفاصيله ليؤكد على المعنى الذي طرحه عصمت، ونجد أننا نبحث معه عن إجابة لماذا الإصرار على الحضور رغم الغياب.. فلا نجد إجابة.

وفي النهاية يختتم الكاتب المجموعة بقصته الأخيرة التي تحمل اسم مجموعته "مخاوف نهاية العمر" والتي أدهشتني حقًا، أدهشني فيها الحوار الساكن، وكأنما عمد الكاتب أن يكون الحوار الداخلي هو البطل، هو الإطار الموسيقي الذي يصاحب الإنفجار الزمني ليشكل دلالة داعمة للحكاية

بعض البشر يخافون الرحيل، يهابون المصير المنتظر، فتتحول الهواجس إلى ظنون في كل من حولهم، يسكن التوتر بداخلهم، يقاومون هشاشة أرواحهم بإفتعال معارك تقاوم الذبول والإستسلام بصك الأمل الزائف في استمرار الحياة إلى ما لا نهاية ،فيقبضون على كل الأشياء المادية ظنًا بأنها سوف تمنحهم الخلود

يقترب الكاتب من أعماق النفس ومتاهاتها، فيتيح لنا التأمل في تفاصيل أخرى متشابهة نستدعيها كلما تقدمنا في القراءة، فالشخصية البطلة منهكة، متعبة، حائرة تختفي وراء مسحة من حزن دفين مصدره الإحساس بالذبول، الذي لم يكن تقدم العمر فقط أساسه، إنما هشاشة النفس.

فتنت بهذه القصة فما أجمل أن تقرأ سطورًا حية، البطل شخصية إنسانية لا شخصية ورقية،تموت بموت الحكاية

-لا أنكر أنني اعجبت بقلم عادل عصمت وإن كنت توقعت الأجمل للحكايات.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق