السندباد الأعمى : أطلس البحر والحرب > مراجعات رواية السندباد الأعمى : أطلس البحر والحرب > مراجعة Rabab Abdulghani

السندباد الأعمى : أطلس البحر والحرب - بثينة العيسى
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

كانت الكويت بداية القرن الماضي هي رائدة الثقافة في منطقة الخليج العربي ،حيث الدويلات الجديدة الناشئة.

فقد بدأت الحركة الأدبية والثقافية في الكويت في عهد الشيخ مبارك الصباح حين تأسست المدرسة المباركية والجمعية الخيرية.ثم في عهد الشيخ أحمد الجابر حيث تم افتتاح المكتبة الأهلية والنادي الأدبي.

وكان لطبيعة الحياة البسيطة في الكويت آنذاك أثر كبير في تشكيل الجانب الأدبي فيها.

حيث كان السكان يحترفون الصيد والسفر عبر البحر للتبادل التجاري مع الهند وشرق آسيا وأفريقيا وبلاد فارس فاختلطوا بالثقافات المختلفة وادخلوا الكثير من مفردات هذه البلاد إلي اللهجة الكويتية .

وكان البحارة أثناء السفر ينشدون أناشيد مقفاة خاصة بالبحر ، بالإضافة للأهازيج الشعبية في المناسبات المختلفة.فكان الشعر هو الصورة الأدبية السائدة ،سواء شعر عامي لأهل الحضر أو الشعر بلهجة أهل البادية وشبه الجزيرة العربية وهو مايطلق عليه الشعر النبطي.

أما أول رواية فكانت رواية ( آلام صديق) للكاتب فرحان راشد الفرحان عام 1948.

وظهرت الأقلام النسائية في مطلع الستينيات متمثلة في رواية (الحرمان ) لنورية السداني و رواية (قسوة الأقدار) لصبيحة المشاري.

وبدأ التطور في الأدب الروائي حتي تسارع إيقاعه وانطلق بداية الثمانينيات ،ثم انتقل نقلة نوعية أوائل التسعينيات بعد الغزو العراقي للكويت.

وبالنظر إلي تاريخ الكويت يتضح لنا وجود فاصلين زمنيين أو مرحلتين مهمتين اختلف فيها المجتمع الكويتي إجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً.

واختلفت وتشعبت القضايا والمشاكل الاجتماعية والحياتية ما بين قبل وبعد.

المرحلة الاولي هي قبل اكتشاف النفط وبعده.

أما المرحلة الثانية فهي قبل الغزو وبعده.

مما أدي إلي الثراء أو مايمكن أن نسميه الإنفجار الأدبي الروائي لتوثيق هذه التغيرات المجتمعية الحادة.

فكان الغزو كخامة عريضة يمكن استخدامها لتشكيل الكثير من الأحداث والحبكات الروائية.

ولذلك من بداية التسعينيات لا تخلو رواية كويتية من ذكر هذا الحدث الأهم كمحرك للأحداث أو كأساس تبني عليه الرواية.

ومن هذه الروايات ،هذه الرواية الرائعة للمبدعة بثينة العيسي.

الرواية تأخذنا إلي عمق المجتمع الكويتي بعاداته وموروثاته،أفكاره ومتغيراته.

نتعرف علي مناير ،هذه الطفلة الصغيرة وعائلتها المكونة من الأب والأم ،العم وزوجة العم وولدهما ،وهم من الشباب المستنير،تلقوا تعليمهم الجامعي وأصبح لكل منهم شخصية وثقافة ورأي خاص .ثم الجدة والتي تمثل الرعيل الأول المحتفظ بكل العادات والتقاليد القديمة .تتداخل هده الأسرة مع أسرة الجيران وأصدقاء الطفولة والشباب.

وتنمو بذور العشق ولكنها لا تجرؤ علي شق التربة لتري الشمس،تمنعها قيود اجتماعية فصلت الدين إلي سنة وشيعة، فصلت الوطن الواحد إلي بدو وحضر ،وقيمت الإنسان بلون أوراقه الثبوتية ،فهذا ابن البلد الأصيل وذاك بدون.كل تلك الفوارق أثرت أكبر الأثر في الكثير من العلاقات الإنسانية في المجتمع الكويتي .وتعتبر مشاكل متأصلة جاري البحث لها عن حلول.

نعود إلي بذرة العشق، خمدت في منبتها.

وتزوج نواف ونادية.ليطرحا ثمرة واحدة هي (مناير)ثم تجف أوراقهما.

علاقة هشة ،لامعة ومغرية عند النظر إليها،معيبة مليئة بالشروخ عند لمسها وتفحصها.

تبدأ الأحداث عام قبل أغسطس 90

وتنتهي بعد الغزو بثلاثين عام ،عندما بدأ غزو آخر ،غزو الڤايروس اللعين (الكورونا).

وخلال هذه الفترة الطويلة عاشت شخصيات الرواية الحب والانتقام،الاحتلال ،الخوف،التحرير،الميلاد والموت.

تحولت مناير من طفلة شاهدة علي الأحداث-أثرت وتأثرت -بها إلي امرأة روحها كخيوط العنكبوت .تبحث عن الحقيقة والحب.

كانت هي الضحية.

أما الأعمي فأعتقد أنه الأب نواف.عمت بصيرته عن رؤية حب عامر ونادية.

وعمي قلبه عن إسعاد زوجته،وعمي بصره عن رؤية ابنته وهي حوله،وكأن جداراً فولاذياً يفصل بينهما .

** الرواية ذات حبكة درامية رائعة.

**تتنقل الكاتبة بين أحداث الماضي والحاضر بطريقة مشوقة.

**اللغة فصحي سلسة ،يتخللها حوار وتعابير ،أسماء أكلات وحيوانات باللهجة الكويتية.يحتاج من لايعرف مفرداتها للبحث عن معناها .

**أسلوب الكتابة به ثراء في الاستعارات والتشبيهات والمحسنات البديعية مما أعطي براعة في الوصف ودقة في التفاصيل ،فقد نشم رائحة البحر،ونري اختلاف ألوان السماء ،أو نشعر بملمس الرمل.

**الشخصيات ثرية جداً،ذات بناء قوي،يمكن تحليل كل منها في صفحات وصفحات.

**لي فقط ملاحظة وحيدة وهي أن ملائكة الرب الذين حرروا الكويت لم يكونوا فقط ذوي شعور صفراء وعيون خضراء وقامات طويلة ،ولكن كان هناك أبطال ذوي العيون العسلية والسواعد السمراء والقلوب الصادقة.

رواية رائعة تستحق القراءة.

شكرًا بثينة العيسي .

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق