جريمة العقار 47 > مراجعات رواية جريمة العقار 47 > مراجعة Moustafa M. El Sayed

جريمة العقار 47 - نهى داود
تحميل الكتاب

جريمة العقار 47

تأليف (تأليف) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

هذه هي الرواية السادسة للمؤلفة. ثلاث من الروايات التي كتبتهم من قبل يبدأ العنوان بكلمة: "جريمة". إذن فأدب الجريمة هو التخصص الذي تحبه واختارته لقلمها. ويتضح لي من خلال قراءتي لهذه الرواية مدي تميزها كروائية، وإمكانياتها وامتلاكها لأدواتها.

في الصفحة الأولي من الرواية نقرأ ثلاثة سطور فقط لا غير:

"أرى أطيافًا...

زوجي يعتبرني مجنونة.

هل تصدقني أنت."

هذه السطور الثلاثة مع الغلاف والعنوان تلخص سبعين بالمائة من الرواية. فهنا بطلة الرواية السيدة "صفاء" تتجه للقارئ بالحديث لتحكي له عن وقائع جريمة قتل فتاة في السابعة عشر من عمرها في الشقة المقابلة لشقتها.

البداية مع شخصية هذه البطلة. سمها كما تشاء: مجنونة -كما كتبت هي-، مريضة باضطراب نفسي وتحتاج لتعاطي أدوية خاصة باستمرار لضبط حالتها المزاجية، مريضة بالاكتئاب... إلخ. تسمع كلمات غير مفهومة وكذلك غير معروف مصدرها (تشك أن مصدرها الهاتف المحمول). في البداية نسبتها إلى أعراض مرضها النفسي من هلاوس أو تهيؤات، ولذلك قالت: "انقبض قلبي وأنا أتذكر الماضي القريب، الأيام الكئيبة وزيارات الطبيبة المتكررة، ثم تغييرها لطبيبة أخرى، ثم ثالثة. نظرات فاضل -زوجها- وأقراص الدواء وتقلصات المعدة وضبابية التفكير.)

يعقب ذلك اكتشافها ما يجرى على شاشة هاتفها الجديد. أطياف هي عبارة عن بقع متناثرة على سطح الشاشة. تظهر مع تطبيق الـ (GPS) فقط. هناك أطياف ذات ألوان قوية وعميقة، وأخرى باهتة اللون وخفيفة. وسرعان ما ربطت بين ما تسمعه من كلمات غامضة وهذه الأطياف الغامضة أيضًا.

بالتخمين والاختبار لعديد من الحالات والاستنتاجات تأكدت أن الأطياف بألوانها هي شفرة من نوع ما، هي رموز للبشر تعكس مشاعرهم وانفعالاتهم. بل ودونت على هاتفها جدولا بسيطا فيه كل لون وما يقابله من مشاعر. مثلا: وردي: هيام، حب أخضر: سعادة حماس البني: الكذب. البرتقالي لون الخطر أو النية في الإيذاء...إلخ. ومع استكشاف المزيد عن الأطياف الغامضة، قررت أن تجعل التطبيق سلاحها ودرعها مع الناس.

كل هذا السرد يرسم في مخيلة القارئ صورة واضحة عن البطلة، ولكن الاضطرابات النفسية التي تصيبها تجعله يتشكك فيما ترويه، وله في ذلك كل الحق. عندئذ تدفع المؤلفة بشخصية جديدة تساعد القارئ على أن يأخذ ما تحكيه البطلة "صفاء" على محمل الجد والحقيقة، وليست مجرد هلاوس أو تهيؤات مرضية. وهي شخصية ابنة صفاء: (نيللي 15 سنة). وجعلت الأم تبوح لابنتها بكل شيء لتساعدها في تفسير ما يجرى، وتنزع من ذهن القارئ الشكوك.

وبداية التطبيق تجئ مع جريمة القتل التي وقعت في شقة الجيران المقابلة لشقتهم. الجريمة وقعت عندما كانت أسرة الجيران بالخارج في فرح أحد أقاربهم، والابنة بقيت وحدها في المنزل. عندما عادوا قرابة الفجر وجدوا باب الشقة مواربا وعليه آثار اقتحام. وحينما دلفوا إلى الشقة وجدوها غارقة في الدماء. لقد دخل المجرم عن طريق كسر قفل بابهم بدافع السرقة، وقتل الابنة، وأخذ الجثة معه.

حينئذ جاء دور صفاء وابنتها لتطبيق هذا الاكتشاف (التطبيق) الرهيب الذي بحوزتهما على الوقائع والأشخاص الذين يدخلوا في نطاق هذه الجريمة. فهل ينجحا في حل اللغز أم لا؟ وكيف؟ هذا ما تعرفه من متابعتك لقراءة الرواية.

أبرز ما أعجبني في هذه الرواية:

- اللغة التي كتبت بها المؤلفة روايتها. فهي لغة عربية فصحى، سواءً في السرد أو في الحوار. لغة بسيطة وسلسة ومعبرة.

- إبراز دور الهاتف المحمول في حياة الناس والمجتمع، والذي أصبح كالعمود الفقري لحياة الكثيرين.

- العلاقات الاجتماعية ودورها في تشكيل الشخصيات وما إلى ذلك. فالمؤلفة قد نجحت بجدارة في تقديم ووصف دقيق لشخصيات من المجتمع حقيقية وواقعية، بالرغم من الخيال الجامح الذي بدأت به روايتها. وهو ما يفضي بالقارئ إلى النقطة التالية وهي:

- خلط الخيال بالواقع. أنا معجب جدًا بفكرة اختيار الأطياف الملونة لتكون محور الرواية. صحيح هي فكرة خيالية، بل مفرطة في الخيال، ولكنها -في رأيي- تعبر عن هذا السباق المحموم بين أفكار الإنسان وشركات إنتاج تطبيقات المحمول التي تستجيب لأفكاره. وهذا يعطينا صورة واقعية -غير خيالية- لما يمكن أن تصير إليه الأحوال في المستقبل.

بينما لم يعجبني:

- ردود الأفعال عقب الجريمة. فقد بدت غير منطقية في بعض الحالات. منها -على سبيل المثال لا الحصر-: الإصرار على إقامة العزاء في اليوم التالي للجريمة. وكذلك الإصرار على تنظيف غرفة الفتاة المغدورة وإخلائها مما فيها لنقل الأخ إليها.

- أيضًا غياب دور الشرطة تماما أو حصره في ضابط واحد لم يقنعني، وبدا لي كما لو كان تغييبًا متعمدًا، أو اتهامًا للشرطة بالسذاجة أو البلاهة. وهذه النقطة تدفعني لأقترح على مؤلفة الرواية في أعمالها القادمة بمراجعة أو مزيد من مراجعة المختصين، كل في مجال تخصصه.

أخيرًا، بالفعل استمتعت بقراءة هذه الرواية، وفي انتظار المزيد من روايات المؤلفة نهى داود. ولها مني تحية إعجاب وجزيل الشكر.

Facebook Twitter Link .
3 يوافقون
2 تعليقات