رواية موجعة جداً تتحدث عن التعذيب في سجون النظام السوري وعن كل الذين ماتوا تحت التعذيب، وعن الذين خرجوا من هذه المعتقلات بنفسيات مكسورة وقلوب محطمة. هذا العمل أربكني جداً لأنه لا يندرج ضمن أدب الخيال العلمي، إنما هو قائم على شهادات أشخاص عاشوا هذه الأحداث فعلًا... وكما هو حال أدب السجون، فإنه يكون كما المخالب التي تنهش القلب وأنت تقرأه ويريك لأي حد يمكن للإنسان أن يكون بشعًا وقادرًا على الأذى.
نقطة تُحسب لأحمد خيري العمري وهي إلمامه بالموضوع والشأن السوري، وليس هذا فقط، إنما كان قادرًا على أن يكتب العمل بالروح السورية سواء من حيث دقة الأماكن، اللهجة السورية، وغيرها. لدرجة لا تشعر أنك تقرأ لكاتب عراقي عن الوضع السوري. برأيي كان هذا نقطة قوة في العمل.
الجانب الذي لم يعجبني، والذي يعدُّ بالمناسبة نهجًا وأسلوباً يميز أحمد خيري العمري في عمله الأول الذي قرأته (كريسماس في مكة) والآن ( بيت خالتي) هو الإسقاط للجانب الديني في أعماله لحد الحشو، والذي أراه مزعجًا. أدرك أن للعمري توجه ديني محدد، ولكن أن يتم حشوه بهكذا أسلوب، رأيته يضعف العمل، حيث سقطت نجمة من التقييم لهذا السبب.
السبب الآخر لسقوط النجمة الأخرى وهي أن قصة جوري بالطريقة التي عرضها العمري لم تقنعني عندما حذفت مقطع من دقيقتين تقريباً من شهادتها لأنها تلدغ بالراء، فأزالت هذا المقطع حتى لا يدلل على شخصيتها الحقيقية وهي "نور". هنا الحبكة كانت ضعيفة؛ حيث أن شهادة جوري في الرواية جاءت تقريباً حوالي الخمس صفحات، وكان هناك كلمات كثيرة بحرف الراء قالتها خلال شهادتها، فأن تحذف آخر دقيقتين من شهادتها بسبب اللدغة، صراحة كان سببًا غير مقنع لي ووجدت فيه استخفافًا بعقل القارىء.
لكنه كعمل جيد جداً ، ويطرق موضوع التعذيب في سجون النظام السوري، والذي يعد امتدادًا لكل الأعمال التي تتناول هذا الموضوع حتى لا يُسكت صوت هؤلاء. أن يبقى صوتهم عالياً ليتذكر الناس أن هناك الآلاف ممن ابتلعتهم سجون النظام السوري وكل الأنظمة القمعية ويمشي العالم كما لو أن شيئًا لم يكن.