كل هذا الهراء > مراجعات رواية كل هذا الهراء > مراجعة إبراهيم عادل

كل هذا الهراء - عز الدين شكري فشير
تحميل الكتاب

كل هذا الهراء

تأليف (تأليف) 3.4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

بعد خمس سنوات من «باب الخروج» الرواية التي تنبأت بوصول «العسكر» إلى السلطة بعد الثورة، يعود شكري إلى «عمر فخر الدين» الذي كنّا نوشك أن ننسى حكايته وحكاية والده، التي كان آخر لقاءٍ لنا به في روايته «أبو عمر المصري» تلك الشخصية الثرية التي تورطت في أمورٍ كثيرة وكاد صاحبها يفقد حياته وحياة ابنه ولكنه نجا في آخر الأمر، ليستقر به الحال هنا بين يدي هذه الرواية ـ سجينًا مرة أخرى!

ولكن الحكاية هذه المرة لا تقتصر على «فخر الدين» و«عمر»، بل ولا حتى حكاية عمر وأمل الذين جمعتهما مصادفة الفراش، ولكنها عدد من الحكايات الأخرى، عبر ثمانية فصولٍ معنونة، يحمل كل فصلٍ منها عنوان حكاية مستقلة يربط بينهم جميعًا معرفة عمر بشخصيات تلك الحكايات من جهة، ومصر والثورة من جهةٍ أخرى!

الحيلة الروائية متقنة هذه المرة عمّا فعله شكري في «باب الخروج» مثلاً، حيث كان تدخّل الراوي العليم في أحداث شخصياته سافرًا وغير مبرر في كثيرٍ من الأحيان، كما جاء الوسيط، «الرسالة الطويلة جدًا»، غير منطقي لإيراد كل هذه التفاصيل (التي اتسعت لتكون رواية) أما هنا فالحكايات تأتي كلها على لسان «عمر» الذي يحكي ما يعرفه لأمل، وتجعلنا ندرك أنه يُعمل خياله أيضًا ويستحضر بعض التفاصيل التي يعرفها مع تفاصيل أخرى يفترضها في الحكاية من عنده، ولذا هي تتداخل معه في بعض الحكايات، وتعترض على ما تراه من نهايات مأساوية، وتفترض حلولاً أخرى واقعية وممكنة الحدوث أيضًا.

تأتي الحكاية الأولى لهما، كل واحدٍ يتحدث عن نفسه وحكايته، فنتعرَّف على «أمل مفيد» المصرية الحاصلة على جنسية أمريكية التي تأتي مصر قبل الثورة، وتتورّط في أحداث الثورة وما تلاها، حتى يتم القبض عليها ويطالبونها بالتنازل عن الجنسية المصرية وتضطر للعودة إلى أمريكا مرة أخرى، ونستعيد معرفتنا بـ«عمر فخر الدين» الذي كنّا قد عرفنا طرفًا منها في روايةٍ سابقة، لكنه يجملها هنا، ويعرفنا على موقفه المتفرج، المتابع لأحداث الثورة رغم تواجد أصدقائه كمشاركين وفاعلين في كل تفاصيلها منذ اليوم الأول، انتقالاً إلى بعض الأصدقاء الذين فقدهم بسبب أحداث ما بعد الثورة (تحديدًا مذبحة بورسعيد) وما دار فيها

ثم ينتقل بنا إلى حكاية أخرى لا تقل مأساوية عن السابقة، تتعلّق بالتحرش الجنسي بالفتيات وما جرى للصحفية المسكينة «هند» وحبيبها «باسم»، (يشير فيها عز الدين شكري إلى شهادة حقيقية بالفعل مأخوذة من موقع مدى مصر ومنشورة على الإنترنت بعنوان «الاعتداء الجنسي والدولة ..تاريخ من العنف»)، وتحاول «أمل» أن تغير في مسار الأحداث وتفترض حلاً آخر لمشكلة هند وباسم حتى لا تكون الحكاية مأساوية تمامًا كما حدث في القصة الأصلية!

بعد حكاية التحرش تأتي حكاية «فض اعتصام رابعة»، وهي صفحة أخرى شديدة المأساوية مع «حبيبة»، و«شادي» اللذين ينتميان إلى التيار الإسلامي، وإن كانا لا ينتميان إلى جماعة بعينها، ولكن انحيازهما ذلك أثّر عليهما سلبًا حتى جاءت أحداث «رابعة» وشاركا فيه، ويحاول عمر أن يثنيهما عن المشاركة فيه وإقناعهما بعبثية الموقف كله، ولكنه يفشل في ذلك حتى يشهد بنفسه نهايتهما المأساوية!

ثم تأتي الحكاية الخامسة الأكثر صدامًا للمجتمع وهي حكاية شابين هذه المرة «شريف»، و«بهاء» اللذين يكتشفان ميولهما المثلية وانجذاب كل واحدٍ منهما للآخر، ثم يعرض موقف المجتمع منهما والتحولات التي تطرأ عليهما بعد الثورة.

وفي الحكاية السادسة والأخيرة نكتشف جانبًا آخر من الصراع المكتوم داخل الأسرة المصرية، مع «دينا» والعقيد «أيمن» وعلاقتهما التي تنتهي بالزواج، ولكن تأتي الأحداث السياسية (التي يكون فخر الدين طرفًا فيها) لكي يستعيدا التفكير في تلك العلاقة وهل بنيت على المصلحة أم على الحب كما كانا يعتقدان.

يبدأ شكري كل حكاية من حكاياته بشكل سلس، وينتقل بين الحكايات ببساطة، ويعرّفنا على شخصيات كل حكاية منذ بدايتها إلى نهايتها بشكل موجز وذكي، يجمع بين الخيوط النفسية للشخصيات وأثر الأحداث المحيطة بهم على تفكيرهم ومواقفهم، ولعل هذا أبرز ملامح هذه الرواية، أنه يمسك جيدًا بشخصيات روايته على اختلاف توجهاتها وانتماءاتها، واستطاع فعلاً أن يحكي عن أربع عشرة شخصية ويعبّر عنهم بشكلٍ متقن، هو قادرٌ تمامًا أن يدفعك إلى اليأس، وإلى اليقين أنه «لا فائدة»، ولا يوجد بصيص من الأمل، لا في الحياة ولا في المقاومة ولا في ثورةٍ قادمة ولا شيءٍ من «هذا الهراء»،

...................................

من مقالي عنها منذ 3 سنوات

****

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق