ظلام مرئي : مذكرات الجنون > مراجعات كتاب ظلام مرئي : مذكرات الجنون > مراجعة أحمد فؤاد

ظلام مرئي : مذكرات الجنون - وليام ستايرون, أنور الشامي
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
2

قطرة ماء؛ قد لا تكون كافية من أجل أن ترتوي بها عروقنا الجافة، لكن قطعًا يُمكنها أن تعيننا على البقاء على قيد الحياة!

لكُل من يصارع كي يخفي معاناته مع مرض الاكتئاب عمّن حوله؛ يأتي هذا الكتاب كي يقول لكم: "لستم وحدكم... سننجو سويًا!"

كتاب "ظلام مرئي" هو في الحقيقة مقال طويل نشره الكاتب ويليام ستايرون في مجلة "فانيتي فير" بعد أن أضاف إليه سردًا لأحداث تجربة مُعينة وقعت له في باريس. والمقال في الأصل كان محاضرة ألقاها الكاتب في بالتيمور برعاية قسم الطب النفسي في كلية الطب جامعة جونز هوبكنز.

الكتاب توثيق لتجربة مؤلمة وقاسية مرّ بها الكاتب وهي نوبة اكتئاب سريرية حادة مع ميول انتحارية (مانخوليا). وحاول الكاتب ببوحه عن معاناته مع نوبات الاكتئاب؛ أن يكون بارقة أمل لآلاف ممن يعانون من مرض الاكتئاب في صمت وخنوع ورعب ممن حولهم؛ خشية اكتشاف أمرهم!

أهمية محتوى الكتاب تكمن في أنه يأتي كصرخة ضد المُجتمع أشخاصًا وجماعات؛ مُجتمع يعاقب بقسوة أفرادًا من نفس جماعته؛ واقعين -دون إرادة منهم- في براثن الاكتئاب. هي محاولة لمؤازرة فرد عاجز أمام مجتمع بأكمله يتسلح بكل عاداته وموروثاته وصلفه في رفضه لفهم المُختلف عنه، وإصراره على عدم تصحيح مفاهيمه الاجتماعية والطبيّة والنفسيّة.

الكتاب جاء كصوت صارخ لكُل مريض اكتئاب أخرسته نظرات واتهامات الآخرين خاصة أقرب الناس إليه. جاء كبارقة أمل لليائسين تُبدّد ظُلمة القهر داخلهم. جاء كَيَدِ صديق تُربّت على القلوب المُعذّبة بعلّة لا يدركون أن هُناك من يُعاني مثلهم منها!

ومن أجل هؤلاء المُحبَطين؛ يأتي الكاتب هنا من أجل أن يُقاسمهم الوجع، ويُحرّضهم على البوح، ويحثّهم على الحياة!

لكن الكتاب بالأخير يبقى تجربة شخصية ينقصها الكثير من الحلول. هو مجرد سرد لوقائع حياتية لمريض. هذا ليس شيئًا سيئًا بالضرورة، لكن يجب أن يوضع الكتاب في هذا الإطار؛ أي كَلبِنة في بناء كبير، أو كحلقة من سلسلة أفكار من أجل إدراك الحقيقة الكاملة، فالكتاب كان مُلهمًا بلا شك للكثير من الكتب التي جاءت من بعده التي تتحدث في هذا المجال.

الكتاب يظل مقبولًا كمدخل لمن يُريد أن يفهم كيف يعاني مريض الاكتئاب. أو قد يكون المحتوى مقبولًا لمن يعاني الاكتئاب في محاولة جادة منه من أجل فهم ما يمرّ به. لكن الكتاب لن يُقدّم حلولًا لتخطّي مرض الكلب الأسود، لهذا يجب الانتباه كي لا يتأثر القارئ بالأعراض التي ذكرها الكاتب في كتابه. لأن القارئ قد يتوهّم بأنه يمر بنفس الأعراض، مما يجعله في وضع أسوأ مما هو عليه.

في رأيي؛ من يعاني من نوبات الاكتئاب الحادة ويرغب في قراءة كتاب مُفيد حقًا، ويُقدّم مساعدة حقيقية في هذا المجال، فلم أجد أفضل من كتاب "الحُزن الخبيث: تشريح الاكتئاب" للكاتب الدكتور لويس ولبرت.

مُراجعة كتاب الحُزن الخبيث

****

اقتباسات

"لأنه قد غشيني ما كُنت أخشاه، وداهمني ما كُنت أرتعب منه، فلا طمأنينة لي ولا قرار ولا راحة، بعد أن اجتاحتني الكروب." – سِفر أيوب.

"حينما تكون في بر الأمان وتطلب من شخصٍ آخر يغرق أن يبتهج فإن طلبك هذا يرقى إلى مستوى الإهانة."

"بالنسبة لأولئك الذين عاشوا في غابة الاكتئاب المظلمة، وخبروا معاناته التي يتعذر عليهم تفسيرها، فإن خروجهم من الهاوية يشبه صعود الشاعر وهو يخوض طريق الصعود من الدرك الأسفل للجحيم، حتى يبلغ أخيرًا ما يعتبره الضياء". إن كل مَن يستعيد صحته هناك غالبًا ما يستعيد القدرة على الفرح والسكينة، وربما يكون ذلك خير تعويض عن احتماله ذلك اليأس الذي ما بعده يـأس".

"مع غياب الأمل يجب أن نصارع حتى ننجو ولو بشق الأنفس"

"وهكذا خرجنا، ومرة أخرى أبصرنا النجوم".

الترجمة ممتازة وهي للمُترجم أنور الشامي، والذي ترجم روايات هاروكي موراكامي (ثُلاثية "1Q84" – "رقص...رقص...رقص" – "ما بعد الظلام")، أيضًا رواية "1984" لجورج أورويل -طبعة المركز الثقافي العربي، وأيضًا كتاب "أنا ملالا".

كلمة أخيرة...

أسمع كثيرًا من يقول: أنا أستطيع أن أتفهّم نوبات الاكتئاب ومدى معاناة من مرّوا بها".

سأقول لكُل من يقول ذلك: عفوًا... هل أصابك الاكتئاب بنفس الأعراض التي وصفها ويليام ستايرون في كتابه ظلام مرئي؟

لا؟... إذن أنت لا تفهم أي شيء عن الاكتئاب.

تقييمي نجمتين

أحمد فؤاد

25 تموز يوليو 2021

Facebook Twitter Link .
3 يوافقون
اضف تعليق