الأم > مراجعات رواية الأم > مراجعة Fahad Mandi

الأم - مكسيم غوركي, شوقي السكري, اسماعيل عبد الرحمن, مازن الحسيني
تحميل الكتاب

الأم

تأليف (تأليف) (مراجعة) (ترجمة) (ترجمة) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

كتاب رقم 39 لسنة 2020

اسم الكتاب: (رواية) الأم

الكاتب: مكسيم غوركي

ترجمة: د.فؤاد ايوب + المحامي سهيل ايوب

الناشر: دار الفارابي

عدد الصفحات: 493 صفحة

مكان الشراء: المكتبة الوطنية - مدينة عيسى

سعر الشراء:4.200 دينار

الطبعة: الرابعة - 2015

تاريخ الشراء: 19 اغسطس 2020

تاريخ بداية القراءة: 11 اكتوبر 2020

تاريخ الانتهاء من القراءة: 31 اكتوبر 2020

التقييم: 5/5

عن الكتاب:

الرواية تتحدث عن ثورة 1905 التي حدثت في روسيا القيصرية، ورغم فشل هذه الثورة، إلا أنها كانت الدرس الأهم الذي تعلمه الثوار الروس لتحقيق حلمهم في الثورة الاشتراكية، وليس مجرد الثورة وحسب، وتأتي الرواية ضمن هذا السياق، الذي يبشر ويدعوا للثورة والاستمرار بالعمل، لكي يزول كل مظاهر الظلم والفساد المتفشية في المجتمع.

مكسيم غوركي لم ينتظر انتصار الثورة لكي يكتب عنها، لكنه كتب عن الثورة قبل نجاحها، وكان في رواية "الأم" المنظر والداعي للثورة، وليست ثورة وطنية التي دعا إليها وإنما ثورة اشتراكية، مما جعله معرضا لملاحقة رجال النظام القيصري، منذ إن كتاب الرواية إلى أن انتصر البلاشفة في ثورتهم عام 1917، وهذا الانسجام بين القول والفعل عند غوركي كان بمثابة دعوة لأهمية وجود كتاب ينسجمون مع أطروحاتهم، التي تمثل هم وطموح الجماهير.

الرواية تتناول واقع المجتمع الروسي في فترة الحكم القيصري، وكيف أن الناس كانوا يعانوا من التخلف ويتعرضون لعديد من أشكال الظلم على يد بعضهم البعض، وأيضا على يد رجال النظام، بطلا الرواية هما الطفل "بافل" وأمه "بيلاجيا نيلوفنا" اللذان تدور حولهما الأحداث، وهما يمثلان التحول الفكري الذي واكب والواقع الروسي في ظل الظروف القاسية التي مروا بها.

الواقع الاجتماعي الاقتصادي

من إحدى ميزات الرواية أنها تقدم لنا تاريخ عن الحياة الاجتماعية الاقتصادية التي عاشها الروس إبان الحكم القيصري، فحياة العمال كانت ضمن هذا الواقع "لقد استهلك المصنع النهار بأسره، وامتصت آلاته من عضلاتهم ما تحتاجه من قوة، ويمر اليوم على هذا المنوال، دون أن يخلف آثرا، ويتقدم المرء خطوة جديدة في اتجاه لحده.

الأب المغمور بالعمل والتعب والشقاء لا يعرف معنى الأبوة، فهو يتصرف مع ابنه بعين الطريقة التي يعامل بها زوجته، فنجده يستخدم نفس اللغة وذات المصطلحات القبيحة، "ـ أنت ابن كلبة على أية حال.." ، الواقع يدفع بهؤلاء القوم ليكونوا على هذه الشاكلة، قساة حتى مع اقرب الناس إليهم، يعاملونهم بقسوة وخشونة، فكيف كانوا يتناولون الهم الشخصي، حالة المرض مثلا؟ "ظل أياما خمسة يتململ في فراشه وقد اسود وجهه، وانغلقت عيناه، وصر على أسنانه، بين الفنية والفينة، يصيح بامرأته:

ـ أعطني بعض الزرنيخ، سمني..

مشكلة التقليد والانغماس مع الواقع، دون محاولة تغيره تعد إحدى أهم المشاكل التي تعاني منها المجتمعات المتخلفة، من هنا نجد عملية التقليد تعد سمة عامة في هذه المجتمعات، فالابن "بافل" يقلد الأب السكير، وكأنه بهذا العمل يكون رجلا، أو انه يهرب من مواجهة الواقع كما فعل والده.

عملية التواصل والاستمرار بهذا النهج المتخلف، كان يمد في عمر الحياة للنظام القيصري، فهو يبقى بعيدا عن المس أو النيل منه ـ في حالة استمرار تصرف المجتمع الروسي بهذا الشكل ـ سيستمر بقاء القيصر ونظامه إلى الأبد، طرف يموت، وطرف يعيش، المجتمع يغرق في مستنقع الجوع والموت، والنظام ينعم بالرفاهية والسيادة.

الواقع كان يدفع ببعض الأفراد إلى التفكير بالبديل، ورغم عدم وجود يقين بالانتصار أو التغير القريب، كان لا بد من المحاولة، فالواقع هو المحرك للعمل وفعل التغير، مهما كانت الأمل ضعيف الواقع جعل من البدء بالتغير ضروري.

الموت هو العامل الموجود والفاعل في حياة الروسي، يطارد الأفراد أينما كانوا، إن في البيت أم في المنفى أو الاعتقال، كما انه يطال الجميع، نساء ورجال، ونجد النظام والموت متحدان ومنسجمان معا، يقومان بعين الفعل، التشريد والاعتقال والنفي ثم الموت، تحالف وطيد يجمعهما.

الصراع بين السكون ـ القبول بالواقع ـ والتغير حالة طبيعية لدى الإنسان، لكن عند الثوري تأخذ منحى آخر، فعل لا بد منه، مهما كانت النتيجة، نجاح أم فشل، الإقدام عليه يعد فضيلة وواجب، والسكون يعني الموت، ليس الموت الجسدي وحسب بل موت الإنسان، كل إنسان، "إن آلاف الناس قادرون على العيش أفضل مما يعيشون لو أرادوا ذلك، ولكنهم يستمرون يعيشون كالحيوانات، لا بل يرضون بذلك أيضا، أية حسنة في أن الإنسان يعمل ويأكل اليوم، ويعمل ويأكل غدا، وهكذا أيام حياته .. يقضيها في العمل والأكل، وهو يتدبر أمره أثناء ذلك كي ينجب أولادا يتسلى بهم حتى يبدأوا يطلبون الكثير من الطعام، وعندئذ يغضب، ويروح يلعنهم: هيا، عجلوا وأكبروا أيها الخنازير، فقد آن الوقت كي تجدوا لكم عملا، وانه ليود أن يجعل من أولاده حيوانات أليفة، ولكنهم يبدأون العمل في سبيل بطونهم الخاصة، وهم يقضون حياتهم دون سرور في النفس أو بهجة في القلب، الناس الذين يستحقون لقب الإنسان هم أولئك الذين ينذرون أنفسهم وحياتهم من اجل تحطيم القيود التي تغل عقل الإنسان" .

الدعوة صريحة للقيام بمحاولة التغير، هي السمة الرئيسة للكائن البشري، التغير والتطوير هما الفعل الخلاق، والسكون يعني استمرار حالة العيش بطريقة الحيوانات، والتي تتمثل في الأكل والنوم والإنجاب، وهذا الأفعال تقوم بها الحيوانات فقط، أمام الإنسان فأمامه أعمال أخرى، التغير والسعي نحو ما هو جديد وأفضل.

الفكرة التي يطرحها الكاتب كانت مقنعة ومتناقضة مع حالة الواقع البائس، فهو يبسط الأفكار ليفهما العامل البسيط، وعملية المقارنة بين الحاليتين ـ السكون والتغير ـ كانت تصب لصالح الفعل الإنساني الخلاق، فعل الثورة والتمرد، هما من سيجعل الحياة أجمل أمتع، وهما من سيخلق الأمل، وهذا يعني التفكير بشيء جديد، مما يجعل الرتابة والروتين من متخلفات الماضي.

غوركي يتحدث عن حتمية الثورة ولا يتحدث عن حتمية الانتصار، يتحدث عن حتمية الصراع، لكن النتيجة غير معروفة، تحتمل النجاح والفشل، لكن المحاولة هي الأهم، من هنا ينشأ مفهوم جديد للعمل الثوري، يتمثل في محاولة التغير، فهي السمة الاسمي للفعل الإنساني، يكفي أن يقدم الإنسان عليها، لكي يكون فاعلا .

مفهوم العطاء

يقدم غوركي مفهوما جديد للعطاء، يعتمد على الذات التي تؤمن بقضية ما، فتكون مبدعة ومتألقة في العطاء، لم يقتصر العطاء على التضحية بالنفس، التي هي ـ غالبا ـ ما تكون عزيز، لكن هناك ما هو أهم منها، الجهد والصبر والتجلد وتحمل التعب، كلها أهم وذات قيمة وانفع للقضية من مجرد التضحية بالنفس، فالحرص عليها في هكذا أجواء يكون اشق وأصعب من تقديمها، وعندها فقط يكون العطاء ذات ثمرة يستفيد منها كل الناس.

مفهوم الحب

الحب أيضا طرحه غوركي ضمن مفهوم جديد مغاير عما تعارف عليه الناس، فالأم منبع الحب تتحدث عنه بطريقة جديدة: "...هؤلاء الناس الذين يتعذبون هكذا من اجل الشعب كله، يذهبون إلى السجن والى سيبيريا... ويموتون ... وفتيات يمشين، وحدهن، في الليل مسافات شاسعة، يغصن في الوحل، ولا يأبهن بالأمطار والثلوج، ... من يرغمهن على ذلك؟ ولماذا يفعلونه؟ لأن في قلوبهم حبا كبيرا طاهرا! ولأنهم يملكون الإيمان، الإيمان العميق الراسخ" ، كل شيء عند الثوري يتحول ويعمل لخدمة القضية الثورية، فيكون العطاء كاملا ومتماهيا، حتى مفهوم الحب يتم تحويله إلى ما يخدم قضية الثورة، فلا مجال إلا للعمل لها لكي يزول الظلم والظلام معا.

مفهوم السعادة

وأيضا السعادة يختلف مفهومها عند العمل للثورة " ـ أن قليل من السعادة لا يؤذي أحدا، ولكن احد لا يقنع بالقليل من السعادة، فإذا كثرت جدا ... أصبحت رخيصة" ، وكأن هناك موقف سلبي من السعادة عند من يعملون للثورة، أو أن هناك فكرة قد تشكلت في ـ إلا وعي عند الكاتب ـ بان الشعور بالسعادة مقتصر على الطبقة الأخرى، من هنا كانت الدعوة للاقتصاد بفعل السعادة.

الحكم والأقوال البليغة

الرواية تطرح مجموعة من المقولات التي تصل في معناها إلى الحكم، فالكاتب وضع خلاصة تجربته في هذه الرواية، فيقول بخصوص التعليم "التعليم أشبه بالمطر، كل قطرة تسقي البذور"، كناية عن أهمية التعليم وشموله للخير في كل ما يتعلق بالحياة.

"متى يصبح لدينا أمهات يرسلن أبناءهن الى الموت وهن يبتسمن؟" ، اعتقد أن هذه المقولة عمل بها غسان كنفاني في رواية "أم سعد" فكانت دعوة غوركي تتحقق في "أم سعد" التي قدمت ابنها ليسترد ما فقدته ويرد إليها حقها المسلوب.

"ـ لا بد لي أن أسير مع العدالة، ولو مرة واحدة، قبل أن أموت" ، صحوة الضمير، تدفع بالإنسان أن يتخذ ولو موقف واحد صحيح في حياته.

"سيتغلب المرء على كل شيء وينتصر إذا كان لا يبخل بجهوده في هذا السبيل"، النتيجة تكون مقرونة بالإيمان وبصفوة الجهد المبذول.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق