لو أن مسافراً في ليلة شتاء > مراجعات رواية لو أن مسافراً في ليلة شتاء > مراجعة أحمد فؤاد

لو أن مسافراً في ليلة شتاء - إيتالو كالفينو
أبلغوني عند توفره

لو أن مسافراً في ليلة شتاء

تأليف (تأليف) 4.4
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

ملحوظة: هذا جُزء من المُراجعة، ولقراءة المُراجعة كاملة بشكل مُنسّق يُرجى الضغط على الرابط التالي

****

هل تعتقد أن كل حكاية يحب أن تكون لها بداية ونهاية؟ المعنى النهائي الذي تحيل عليه كل الحكايات له وجهان: استمرارية الحياة وحتميّة الموت.

بهذه العبارة يختم الكاتب الإيطالي "إيتالو كالفينو" الفصل قبل الأخير من روايته الشهيرة "لو أن مُسافرًا في ليلة شتاء" ولأنك -كقارئ- ما زلت على قيد الحياة إذن فأنت مُمتن بالتأكيد للنهاية التي اختارها كالفينو لك!

وبما أنك أيها القارئ وأنتِ أيتها القارئة كُنتما شُركاء مثلي في بطولة رواية "لو أن مُسافرًا في ليلة شتاء" فدعوني أتحدث عن هذه التجربة القرائية غير المسبوقة، والتي بكل تأكيد تختلف عن تجربة كًل منكما في باطنها رغم اتفاقها في ظاهرها!

أما أنت أيها القارئ المُحتمل لهذه الرواية العجيبة فأنصحك أن تقرأ هذه المناقشة، كي تستعد لهذه التجربة إن أقدمت على خوضها.

منذ السطر الأول من الرواية والكاتب يُباغتك أيها القارئ بأنه واعٍ لأنماطك القرائية وخبراتك الأدبية المُحتملة، فتصبح مكشوفًا أمامه. ككتاب مفتوح يرى شغفك بروايته التي تمسك بها، ويخبرك بطقوس القراءة التي كنت تظن أنها خفيّة عن أعين الناس. يلمح توتّرك الذي يبدأ في التكثّف داخلك، ويُبصر انعقاد حاجبيك فيُسرع لعقد صفقة معك. أن تكون بطل الرواية، كأنه يدعوك إلى عالم ثلاثي الأبعاد في أحد ألعاب الفيديو.

لابد أنك ستُفكّر مُتوجّسًا عن المُقابل المطلوب مقابل هذا العرض المغري، لكنك ستقبل العرض على كل حال وإلا لما كنت أقدمت على قراءة هذه الرواية بالأساس. يُصارحك بأنه نوع من التحدّي واختبار قدرتك على الصبر والاستمرار رغم كل النقصان الذي تمتلأ به الرواية! لكنه يُطمئنك في نبرة لا تشعر معها بالراحة قائلًا: " لا تقلق... المجازفة بالخيبة ليست بالشيء الخطير"

هكذا تقع في الفخ. ومع أولى سطور القصة الأولى ستدرك أنك تحتاج إلى التركيز الشديد، فالغموض الذي يكتنف أولى الفقرات يسلتزم انتباها ضروريًا لرؤية كل التفاصيل خشية أن تفلت إحداها فتتيه في نصّ قد تعصف به الفوضى في أي وقت.

"تبدأ الرواية في محطة أرتال، قاطرة تنفخ بخار، مكابسها يُعطّي افتتاحية الفصل، سحابة دخان تحجب جزءًا من الفقرة الأولى. صفحات الكتاب مُهتمة مثل نوافذ قطار قديم، وعلى الجُمَل تحطّ سحابة الدخان."

نعم... قد تتوقّف لحظات عن القراءة قائلًا "مهلًا؛ ما هذا العبث؟" لكنك تُكمل القراءة مدفوعًا بغرابة التجربة وجمال التفاصيل المرصوصة بعناية. ومع تزايد الغموض وتمكّن التشويق منك تعرف أنك لن تستطيع الإفلات من النصّ بسهولة.

مع انتهاء القصة الأولى تفهم أنك قد أصبحت مُشاركًا حقيقيًا في الأحداث، حقيقيًا وإن كنت في الحقيقة لا تختار لنفسك شيئًا، لكن هل تظن حقًا أنه من الغريب أن يمتزج الحقيقي بالمجازي هُنا!

قد يزعجك هذا الأمر، خاصة بعد أن تدرك أن الكاتب قد استولى على مساحتك –كقارئ- التي تختبئ فيها دومًا من إسقاطات النصوص. فالقارئ دومًا يشعر بمساحة آمنة عندما يقرأ النص كعين مُبصرة للأحداث دون التدخّل فيها، تمامًا مثلما يُشاهد فيلمًا على شاشة التليفزيون. لكنك الآن بِتّ متورطًا، ولم يعد في استطاعتك التملّص من دور البطولة. لقد خدعك الكاتب وبدلًا من أن يجعلك تُصاحبه في رحلته لتكون شاهدًا عليها؛ أغلق عليك حدود شخصية البطل وحبسك داخلها. أنت الآن أسير يا صديقي وإن لم تنتبه لذلك.

لكن انتظر، الأمر ليس بالأمر السيئ. هناك رفقة بانتظارك -وبانتظاركِ؛ إن كُنتِ أنثى- وصدّقني ستحُب "لودميلّا"؛ أي قارئ سيُحب "لودميلّا" بطبيعة الحال. أما أنتِ أيتها القارئة فثقي أنكِ ستجدين الكثير منكِ في شخصية "لودميلّا" وستُحبّين رحلتكِ وسيفتنكِ تنافس سلاس فلانّري وإغواءات إيرميس مارنا، ومُلاحقة القارئ البطل.

سيستغل الكاتب ثراء خبراتك القرائية ليورّطك أكثر في اللعبة، وكُلّما تورطت أكثر ؛كُلّما سألت نفسك: "ماذا أطارد؟ نهايات القصص؟

لكن دعني أسألك: هل أنت على علم بجميع نهايات قصص من حولك في حياتك الحقيقية؟ كم مرة صادفتك قصصًا لم تعرف لها نهاية، واضطررت لتجاهلها ثم استمرت حياتك بعدها؟ هل لنا أن نقول أن الإطلاع الكامل وهم؟ إن الحياة لا تعطينا دومًا نهايات لجميع الأحداث التي تتقاطع مع حياتنا.

إذن لماذا تشعر بالغضب تجاه كالفينو الآن؟

حسنًا... قد تكون القصص المبتورة قد أثارت سخطك، لكن الكاتب منحك في نهاية الكتاب مكافأة على صبرك كقارئ بطل/كقارئة بطلة على رحلتك المثيرة. لقد وضع النهاية الوحيدة - في الفصل الأخير- لقصتك أنت دونًا عن بقيّة القصص. وأظن أنك –بعد أن عرفت النهاية- راضٍ عنها جدًا!

إن رواية "لو أن مُسافرًا في ليلة شتاء" للكاتب الإيطالي "إيتالو كالفينو" ليست رواية لكل قارئ، وهذا ليس استعلاءً، ولكنه إشارة وتنبيه بأن الرواية فريدة من نوعها في تقديم تجربة استثنائية قلّما يجدها القارئ -خاصة القارئ العربي- خلال رحلته القرائية.

لقراءة المزيد عن الحبكة والشخصيات وتطوّر الأحداث والاقتباسات يُرجى الضغط على الرابط التالي

****

تقييمي 5 من 5

أحمد فؤاد

26 آب أغسطس 2020

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق