أتم اليوم قراءتي ل "طفل من القرية" بها تضاف رؤية ثانية حول سيد قطب .. الكتاب يستحق الاهتمام والعناية لكشفه للجانب المظلم في "قرية" كقرى العالم العربي، ولرصده في نفس الوقت للنور الذي يبزغ فيها كل مرة، فتعلق به الامال والامنيات..
وكأن هذا الكتاب فصل من بحث في علم الاجتماع او الانثروبولوجيا ،فبمحاولة لجمع بعض القصص وما يتناقل من أساطيرثم تلك العادات والتقاليد نرى اثر العقائد القديمة،ونرى الحياة هناك بدون مواراة عن حقائقها ولاتزيين.. هنا ترى اثر السياسة والنظام ايضا.. فترتسم أمامك صور توضح نسيج مجتمع وعلاقاته فيما بين فئاته، ترى التباين وتلحظ الطبقات، حتى تكون شاهدا معه على ثقافة مجتمع بل وحتى دور الاقتصاد في ما تصير اليه حياة تامة..
كملاحظة خارج ما كتب في السيرة، جذبتني روعة الإهداء حيث به ترى لقاء بين قطب وطه حسين، صلة ما بين كاتبي سيرة يصيران بذلك إلى عرض ما جرى في زمن معين ، نرى فيه دور الذاكرة التي لا تسجل اليا وانما تتأثر بالمواقف والعوامل المرتبطة بها فنرى حينها لونا للغة و دورا لها ، اسرة في كل أشكالها مع طه ومنقلبة مع قطب، تأخذك من جانب لتضعك في غيره في سلاستها وبساطتها في عدم تكلف ولا صنعة..
اختلاف وتشابه يقع هنا وهناك، وقرب وبعد لكنها تبقى "أيام كالأيام"..
يحتاج الكتاب الى قراءة ثانية مع مراجعة ثانية ان شاء الله، بقراءته مع كتابات قطب الإسلامية المبكرة ثم مع ما ترك في أيامه الأخيرة..
عموما، الكتاب صورة تستحث النظر في جميع تفاصيلها دون أي اغفال.. لذلك ستكون المراجعة معدلة في الأيام الاتية على ما نلخص اليه منه مع القراءات المرافقة في مؤلفاته الأخرى.