الحارس في حقل الشوفان > مراجعات رواية الحارس في حقل الشوفان > مراجعة أحمد فؤاد

الحارس في حقل الشوفان - ج. د. سالنجر, غالب هلسا
أبلغوني عند توفره

الحارس في حقل الشوفان

تأليف (تأليف) (ترجمة) 3.7
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

عندما انتهيت من قراءة رواية الحارس في حقل الشوفان ،تذكّرت قول كافكا ذات يوم

"أؤمنُ أننا يجب أن نقرأ فقط تلك الكتب التي تعضّنا وتغرز أنيابها فينا. فإذا كان الكتاب الذي نقرأه لا يهوي بقبضته على أدمغتنا فيوقظها فلماذا إذاً نقرأ ذلك الكتاب؟"

كنت قد سمعت عن الرواية كثيراً، ورشّحها لي العديد من الأصدقاء، لكنني لأسباب منها احتوائها على قدر كبير من البذاءة، فقد كان التسويف قراري الدائم، حتى قرأت مراجعة لصديق أحترم رأيه جداً ،وتعجّبت أن تعجبه الرواية، فما كان إلا أن قررت أن تكون نهاية التسويف في أقرب فرصة ممكنة.

رغم أن ما جاء في الرواية ليس برواية، أي ليس هناك حبكة ما، بل هي مجرد رحلة... حكاية أو سيرة ذاتية لطفل في السادسة عشر. هل أحبطني ذلك؟ إطلاقاً!

الغريب في رحلة مع هولدن كولفيلد بطل الرواية، هي أنك ستجد نفسك في ركن ما منها، إما في شخصيته في وقت من الأوقات، أو قد ترى نفسك في شخصية من الشخصيات التي تم سبّها - وما أكثرها- في الرواية.

قرأت الكثير من التعليقات التي استاءت من السباب الكثير، وعندما فكّرت لبعض الوقت، خلصت إلى أن سبب نفورنا من هذا السباب أنه مُترجم بلغتنا، والتي لم نعتد أن نقرأ أو نسمع هذا السباب بهذا الفحش في كل وقت وبهذه الكثرة، لكن إن قمت بإرجاع هذا السباب إلى لغته الأصلية، ستجد أن أذنك قد ألفته جداً، فعندما فعلت ذلك وجدت أن كلمات مثل "ابن الـ.." والتي تقابلها "..... son of the" ومثل اللعينة والتي تقابلها "F word"، هذه الكلمات أصبحت دارجة على مسامع من نشأ على مشاهدة الأفلام والمسلسلات الأجنبية، بل وأصبحت كلمة "F word" صفة يُنعَت بها كل شيء مثير أو رائع أو جميل مثل F... beautiful!، إن الشباب في هذا السن يستخدم الكثير منهم هذه الألفاظ ليس بكونها سباب وإنما بأنها شيء جذّاب cool. أما اليوم مع انتشار مواقع التواصل الإجتماعي ومواقع الفيديو والانبهار شبه الكامل بالغرب من قبل المراهقين، يبدو أن ما قرأته في الرواية وكأنه يحدث تلك الأيام في حاضرنا وفي مجتمعنا بل وقد يكون أشد وقعاً.

أعادني ذلك إلى مرحلة الثانوية لأتذكّر مدرستي الراقية والتي كانت ضمن المدارس المرموقة حينها في محافظتي، ما زلت أتذكّر كمّ السباب الذي كنت استمع إليه بين التلاميذ في ثانويتي، حتى أنهم كانوا يسخرون ممن لا يتفوّه بها كونهم ليسوا رجالاً ناضجين.

تذكّرت أيضاً عندما رأى هولدن الكلمات النابيةالمحفورة والمكتوبة على الحائط وفي أماكن قد نعتقدها آمنة، تذكّرت مثل هذه الكلمات التي رأيتها على الأبواب في حمامات المدارس بل على أبواب دورات المياة في المساجد!

إنه الغضب الذي يجيش في نفوس المراهقين، كان هولدن يُعبّر عن ذلك، لكنه كان مُصاب باكتئاب حاد و خواء نفسي عظيم... لماذا؟ بسبب الزيف.

كان هولدن يرى أن الزيف هو الشيء السائد في مظاهر الحياة منه حوله، إنه النفاق بسكله الجزئي أو التام.

الزيف في التديّن ومحاولة الظهور بمظهر الواعظ بقوالب ثابتة، وليس كشخص عادي.

الزيف في الثقافة فيمن يقرأوا من أجل أن يتباهوا بما قرأوا ويظهرون بمظهر المثقفين.

الزيف في الأدب الذي تحوّل إلى مادة سينمائية، فالكتاب هو الاساس هو الشخصيات الحقيقية، أما السينما فهي مجرد تمثيل، إناس يحاولون الظهور كأشخاص لا يمتون لهم بصلة. أنت تعلم ذلك، وهم يعلمون أيضاً، فمن نخدع إذاً؟

الزيف في الدراسة، و الزيف في المجاملات والزيف في معنى الحياة كلها.

لهذا كان حلمه أن يعيش على هضبة حقل الشوفان مع الأطفال يحمي براءتهم من هذا الزيف. كان يريد الحب والصدق، كان عدم وجودهما فيه حياته سبباً لكآبة لم يستطع التخلص منها.

الأطفال ليس لديهم زيف، طيّبون، غضبهم لحظي، وقلوبهم تملؤها الفطرة، والحب ديدنهم.

لم أتخيّل أن تؤثر في هذه الرواية كل هذا الأثر، بل أنني أرى الزيف يسري بيننا اليوم أكثر مما كان يراه هولدن.

لمن أراد أن يقرأ الرواية، يجب أن يفهم يتفهّم هولدن، وألا يكون واحداً ممن يكرههم، فنحن من يستطيع أن يمنح أمثال هولدن الأمل في مستقبل أفضل.

تقييمي 3 من 5

نقطة من أجل كونها بلا حبكة

ونقطة بسبب بعض الكلمات في الترجمة ليست جيدة، مع التأكيد على شكري للمترجم محاولته المستميتة لنقل روح النص الأجنبي.

اقتباسات

"إن علامة الرجل الذي ينقصه النضوج أنه يود أن يموت بنبل من أجل قضية ما , بينما علامة الرجل الناضج أنه يودّ أن يعيش بتواضع من أجل قضية ما."

"إن الإنسان الذي يسقط لا يسمح له أن يحس أو يسمع نفسه وهو يرتطم بالقاع. إنه يواصل السقوط فحسب."

"إذا كنت تفعل شيئاً أحسن مما يجب ولم تأخذ حذرك ، فإنه بعد فترة من الزمن يستولى عليك حب التظاهر والرغبة فى الاستعراض ، عند هذا لن يكون لك تميزك الحقيقى. "

" يسألونني إن كنت سوف أهتم بدراستي إذا عدت للمدرسة في سبتمبر القادم . إنه سؤال سخيف جدا ً ,في رأيي أعني كيف تستطيع أن تعرف أنك سوف تفعل شيئا ً ما قبل أن تفعل ذلك الشيء ؟ الإجابة أنك لا تعرف . أعتقد أنني سوف أنصرف إلى الدراسة , و لكن كيف بإمكاني أن أعرف أن ذلك سوف يحدث ؟أقسم بالله إنه سؤال سخيف. "

" لا تروي ماحدث لك مثلما فعلت أنا ,لأي إنسان , حين تفعل ذلك , فلسوف تفتقد كل الناس. "

أحمد فؤاد

Facebook Twitter Link .
4 يوافقون
اضف تعليق