العشق...

بهذا الاسم عنونت إليف شافاك "ألف شفق" روايتها "قواعد العشق الأربعون"، وتردد هذا الاسم منذ الصفحة الأولى إلى آخر صفحة من الرواية، لتضع السؤال - أو لعلها الإجابة - أمام أعيننا، هل العشق غاية أم وسيلة؟

رواية قواعد العشق الأربعون هي رواية الأرواح الهائمة في أثير الأمل إلى صفاء تذوب فيها، أرواح تحب أن تموت قبل أن تموت، فتولد مرة أخرى. هي رواية الصفحة التي نريد أن نطويها، رواية البداية الجديدة، رواية تمنحنا الحلم إن لم نستطع الهروب من قيودنا.

تتعمق إليف إلى أعماق شخصياتها، لنعلم ما نعلمه بالفعل لكننا نتغافل عنه، بأن المُذنب أحياناً يكون داخله بذرة الإيمان، لكن المجتمع من حوله لا يسمح لها بأن تنمو. وبأن الإنسان غير المُخطئ تكون داخله نفساً أمّاورة بالسوء يجيد إخافئها عن الأعين بمهارة. وكأنها تريد أن تقول ليس كل المُخطئين سيئون وليس كل الصالحين مُتَّقون، إنما النوايا داخل المرء، والمرء دوماً يجيد التخفي وراء الواجهات الدينية منها والاجتماعية. فهل يستطبع المرء التخلي عن جاه السُمعة الحسنة التي قد يجد فيها من الغرور ما قد يُفسده؟

قضية إيلا هي قضية إليف بالأساس، وهي قضية كل شخص بعد الأربعين، بعد سكوت ضجيج الشباب و بدء إدراك تسرّب العمر، وانشغال الأبناء بحياتهم الخاصة. يجد الإنسان نفسه فجأة وكأنه قد أفاق من غفلة، وكأنه يتعجب كيف انتهى به المطاف إلى وضعه الحالي، لتبدأ أسئلة التقييم لقرارات الشباب التي مرّ عليها في رحلته، ليجد نفسه أمام طريقان إما الاستسلام في حياة شعوره بالسعادة فيها يعتمد على مقدار حظه في هذه الحياة، وإما مواجهة الماضي وبدء صفحة جديدة في حياته، وليس شرطاً أن تكون الهجرة الكاملة للحياة هي الخيار وإنما القصد هو هجرة حياة ساد فيها نسيان النفس وتفضيل أولويات أخرى عن أولويات سعادته، فهل سيقدر على المواجهة؟ وهل تستحق حياته أن يعيش كما يتمنى؟ أن يعيش معنى السعادة؟

أرى مسحة من شخصية إليف نفسها في شخصية إيلا، وذلك عندما قرأت إهداءها في آخر الكتاب إلى زوجها وأطفالها بأنهم من جعلوها حرة رغم أنها لم ترحل.

أعجبني جداً أسلوب تنقّل الأحداث وتدويرها،كما أعجبتني الترجمة. أسلوب السرد ممتع و جذّاب، والسفر بين الأزمان كان جميلاً. أعجبتني طريقة السرد من خلال شخصيات مختلفة فترى وجهات النظر المتباينة، رغم إجماعهم على احترام شمس إن لم يكن حبه.

بعد أن انتهيت من قراءة الرواية، كنت سأكتب عن ضيقي بسبب توجّه إيلا، لكن بعد تفكير خلصت إلى أن محاسبة النفس ليس لها وقت محدد، وعلى الإنسان ألا يرغم نفسه في الاستمرار في حياة يشعر فيها بالتعاسة، مع مراعاة الدين والتقاليد والأعراف بالطبع، لهذا فعدلت عن انتقادي لهذه النقطة.

لم يعجبني فكرة التصوّف، لعدة أسباب، منها اعتقادي في المخالفة الشرعية، و منها أيضاً أنني لم أحب هذه الأفكار و أفكار توحد الروح مع الجسد مع أرواح أخرى، وفكرة الجزء والكل.

سأقرأ لإليف بالتأكيد مرة أخرى.

تقييمي للرواية 4 من 5