صديق قديم جدًا > مراجعات رواية صديق قديم جدًا > مراجعة Youssef Al-Brawy

صديق قديم جدًا - إبراهيم أصلان
تحميل الكتاب

صديق قديم جدًا

تأليف (تأليف) 3.8
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

عندما يكون الكثير مما حُكي قد حدث والكثير أيضًا لم يحدث، وعندما يختلط الوهم بالحقيقة فيصطنع الكاتب أيامه التي مضت إضافة إلى عبقرية المؤلف الفذة وسحر بساطته الغريب الذي يسيطر على الوجدان، فمن المؤكد أن العمل الناتج لابد وأن يكون أكثر من مدهش، وهذا ما حدث مع رواية "صديق قديم جدًا" وهي آخر روايات الساحر العم إبراهيم أصلان وقد نُشرت بعد موته.

لمّا وصف عم أصلان مشهد الفلاح والحمار فقال: «ترى الأراضي مروية أو جافة أو خالية إلا من بعض أكوام السبانخ أو الأعشاب الخضراء الملمومة المتباعدة، أو ترى ساقية وشجرة أو ترى نخلة. تظن أن لا أحد هناك حتى تُفاجأ بفلاح ينهض وهو يمسك بسكينه المقوس أو حزمة من عشب يلقي بها على غيرها ويجلس. الفلاح لا تراه أبدًا مادام ساكنًا في موضعه داخل الحقل. صدقني يا جونيور عندما أقول لك إنه يتحول إلى جزء طبيعي من المشهد المحيط لا تلحظه إلا إذا استقام أو تحرك. الحمار كذلك. بعد ما ظننته غير موجود يفاجئك بأن يرفع أنفه الكبير متشممًا الهواء الطلق. أو يباغتك بنهقة قصيرة ويسكت»، فهذا تمامًا ينطبق على بساطة عم أصلان في تلك الرواية من رأيي، فعندما تستمر الأحداث وتتابع لدرجة أن تكون اعتيادية ولا يلاحظ القارئ سحر أصلان حتى يُفاجأ بمقطع يثير دهشته ويزيد إعجابه بالرواية، ولا تزال روايات أصلان بمثابة أقوى تغيير لفكرة القرّاء عمومًا عن الأدب الروائي، ومثالًا يجب أن يحتذي به الكتّاب.

من أكثر ما يميز هذه الرواية هو أن أصلان يجعل القارئ يتصور ويستعيد حياة الناس والأماكن والكثير من التفاصيل في ذلك الوقت والتي كانت غابت عن الوعي والتذكر، وحيث كان من اللازم وجود أي شيء لكل شخص يظل محفورًا في نفوس وقلوب من حوله من طريقة لبس أو رائحة أو شيء مازال سليمًا من مقتنياته، فلا تزال بساطة أصلان تخلد ذكراه في نفوس وقلوب قرّاءه لما لها من أثر عميق محفور في جدران الذاكرة ولما له من أسلوب مميز لا يكتب به أحد غيره بتاتًا ولا حتى يقاربه، وقد كتب أصلان في فقرة من الرواية: «اعلم أن الدنيا لم تكن أبدًا هي الدنيا وأن الناس لم تكن أبدًا هي الناس»، وهذا مثال من أبسط ما يكون على فلسفة أصلان البسيطة والعميقة في آنٍ واحد، وتعتبر هذه الرواية هي ثاني قراءاتي لعم أصلان بعد رواية "عصافير النيل" وقد أبهرني بالاثنين، والتقييم لهذه الرواية: 8 من 10.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق