في ممر الفئران > مراجعات رواية في ممر الفئران > مراجعة Youssef Al-Brawy

في ممر الفئران - أحمد خالد توفيق
تحميل الكتاب

في ممر الفئران

تأليف (تأليف) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

عندما يكون الضوء جريمة يُعاقب عليها بالقتل؛ جريمة محرمة في دين القومندان، دين قواعده هي أن على البشر الذين يعيشون بالأسفل البقاء في الظلام وجوبًا ولزومًا، يجب ألا يعرفوا أي شيء، يجب ألا يبصروا بأي شيء، يلزم إبقاؤهم في الظلام الدامس. لا تعلِّموهم ولا تعطوهم حقوقهم ولا تتركوهم أحرارًا، والأهم من ذلك كله أقنعوهم بأن هذا هو الصواب والحق المطلق الذي لا شائبة فيه، من يتمرد منهم يُقتل ومن يحاول الرؤية يُعذب ثم يُقتل، علموا الناس أنهم إذا رأوا أي أحد مختلف يحاول أن يكون على بصيرة أن يلقوا القبض عليه إلى حين قتله، حرضوهم على بعضهم، اسرقوا أموالهم ومقتنياتهم وآثارهم وكنوزهم ولا تجعلوهم يدركون ذلك، بل اخدعوهم وآتوا لي بالمال والنساء الجميلات والاختراعات الحديثة فكل ذلك من حقي أنا القومندان العظيم أما البقية فهم حثالة، ثقوا بأن ثقافتهم يجب أن تلقى الإبادة؛ وأحلامهم يلزم ألا تتعدى أن تكون تحت الوسادة، اجعلوا منهم مجتمعات تمجد السذاجة والبلادة، وتذكروا دائمًا أن المختلف أو المفكر أو المخترع أو الذي يحاول أن يعلمهم شيء مصيره التعذيب والقتل بلا أدنى شك.

رواية في ممر الفئران تعتبر من روائع الروايات الديستوبية التي قرأتها، أكثر ما يميز هذه الرواية هي أنها تجعل القارئ يشعر بالكثير من النِعَم التي يمتلكها ولا يقدرها حق قدرها، وأهم هذه النعم هي نعمة البصر، تخيلوا معي ماذا سيحدث لو اختفى النور من على سطح الأرض، بحيث لا يمكن أن يرى أي أحد أي شيء إلا إذا كان على قمة عالية مثل قمة جبل الهيمالايا، فالكل يمتلك البصر والعين ولكن ليس هناك ضوء للرؤية، معاناة لا حدود لها، ولكن المؤسف أن هذه المعاناة لا تصيب إلا الفقراء، أما الأغنياء والجميلات والماجنات والراقصات والمومس مكانهم فوق قمة الجبل حيث يوجد الضياء والحياة الحقيقية، وتعتبر هذه الرواية من أروع ما قرأت فعلًا وأحد الروايات القليلة التي أنهيتها في نفس اليوم، وقد جاءت كتجسيد حقيقي مؤلم وصادق لما نعيشه حاليًا من ظلم وجهل وفساد، وما زاد منها روعة هي أنها نبعت من قلب كبير يمتلكه رجل صادق وكُوِّنت من خلال كلماته الخلابة الساحرة التي لامست شغاف قلبي.

أما عن الأسلوب فقد أعجبني جدًا وما يميزه هو التنوع من حيث طريقة السرد والراوي، فأحيانًا يتكلم بصيغة المخاطب وأحيانًا أخرى يتكلم بصيغة الغائب وأحيانًا يتكلم الكاتب بنفسه عن الشخصيات والأحداث، ولكن لا مجال للتشتت رغم كل هذا التنوع، وقد أجاد العراب الدكتور أحمد خالد توفيق صياغة هذه التحفة الأدبية الرائعة بقلمه العذب وبعباراته البليغة الساحرة، وبلغة أكثر من رائعة منتقاة الألفاظ، قوية ومتينة في مجملها ولكنها بسيطة في باطنها، إضافة إلى تمكنه اللامحدود من حيث تنوع أسلوب السرد مع مراعاة عدم تشتيت القارئ كما قلت، وكل ذلك اجتمع لينتج رواية مأساوية واقعية، وقائعها محزنة إلى أقصى حد ولكنها تبقى... الواقع الذي لا خلاف فيه ولا فرار منه، فقد حُبسنا وللأسف لا يمكننا الهرب، والأحداث مشوقة إلى أقصى حد والنهاية مثيرة وغير متوقعة ولكنها مناسبة لأحداث الرواية تمامًا فما كان الأمل الذي بعثه الكاتب قبل النهاية سوى تمهيد لنهاية مأساوية سوداء ولكنها أكثر من رائعة، كما أن الأحداث مترابطة بقوة ومتسلسلة بانسيابية شديدة، وتعتبر هذه الرواية من أكثر الروايات التي أعجبتني وسيظل كل ما فيها عالق في ذهني لا يفارقه، وأثق تمامًا أنها ستظل من أفضل ما قرأت، والتقييم: 8 من 10.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق