أولا ، لماذا يرى سارتر أن الوجودية منزع أو مذهب إنساني ؟
لأن المذهب الإنساني أو الهيومانية تقليديا تنطلق من الإنسان كغاية في هذا الوجود ، بالنسبة للمؤمنين فهو غاية بإعتبار أن الله أوجد الكون كله من أجله ، و عند الملحدين بإعتبار أنه أرقى ما أنتجته الطبيعة .
سارتر يسخر من هذه الهيومانية التقليدية لأنها تضع الإنسان في وضع "المفعول به" .
بعكس الوجودية التي تضع الإنسان في وضع "الفاعل" المسؤول . الساعي دائما لتحقيق ذاته بالإختيار المتواصل . و من هنا كانت الوجودية منزعا إنسانيا - حسبهم - .
الوجودية حسب سارتر هي في الحقيقة محاولة للتحمل الحقيقي و المنطقي للتبعات المترتبة على القول بعدم وجود الله .
فلا معنى أن تكون ملحدا و تبقى متمسكا بمقولات غير منسجمة مع الإلحاد . و لأن الوجودية هي فلسفات كثيرة متعددة فهناك وجوديون مؤمنون ، و نقطة الإشتراك بينهم جميعا القول بأن الوجود يسبق الماهية أو الجوهر .
القول بعدم وجود الإله يقتضي فورا القول بعدم وجود طبيعة إنسانية ، لا ثبات ، لا معايير أخلاقية ثابتة ، لا خير ولا شر مسبق .
الإنسان وحده من يقرر . و من هنا هو محكوم عليه بأن يكون حرا .
ينطلق الوجوديون من الكوجيتو بإعتبارها مقولة مضمونة آمنة ليس فقط من خلال الوعي بالذات بل أيضا بوعي الآخرين بذواتهم .
وحتى نفهم جزءا كبيرا من إعتراضات "نافيل" على "سارتر" يجب أن نفهم موقف الماركسية و الليبيرالية و الوجودية من مفهوم "الطبيعة الإنسانية" وهو موضوع ربما يطول شرحه .
و في الأخير ينبغي التذكير أن سارتر قد ندم كثيرا على هذا الكتاب بسبب التبسيط المخل الذي وقع فيه .