في طريق الأذى؛ من معاقل القاعدة إلى حواضن داعش > مراجعات كتاب في طريق الأذى؛ من معاقل القاعدة إلى حواضن داعش > مراجعة Mostafa Farahat

في طريق الأذى؛ من معاقل القاعدة إلى حواضن داعش - يسري فودة
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

دفعت بي الأقدار دون أدني إرادة مني إلى أن أكون جزءًا من قصة ضخمة كنت من الإلتزام المهني والأخلاقي بحيث جلست عليها أربعة وخمسين يومًا بالتمام والكمال دون أن أخبر أحدًا فيما كانت المخابرات الأمريكية ومخابرات العالم تضرب أخماسًا في أسداس . لكنني أيضًا كنت من التواضع الإنساني بحيث أدركت أن ما كنت أستطيع أن أراه بعيني كان فقط جانبًا واحدًا من المشهد وأنه لابد للمشهد من جاونب أخرى كثيرة معقدة . ما هي ؟ ما طبيعتها ؟ ومن أبطالها ؟ كانت كلها وغيرها أسئلة مرجأة لا موقع لها الآن ، وقد عدت قبل قليل بأول اعتراف مباشر لتنظيم القاعدة من افواه العقول المدبرة ، وشرح مستفيض لكيفية التخطيط لعملية الحادي عشر من سبتمبر ..

يسري فودة هنا لا ينقل تجربته الصحفية الفريدة والتي لن تتكرر كثيرًا في مجال الصحافة الاستقصائية ، بل إنه يضرب على وتر آخر وأبعد عمقًا من ذلك الهدف الواضح والمباشر المحاط بهذا التحقيق ، هو يريد بهذا الكتاب أن يوضح رسالة ليس من منطلق الفخر والزهو بالذات لكونه الصحفي الوحيد الذي اتيح له ان يلتقي بالعقول المدبرة لعملية الحادي عشر من سبتمبر ، بل إنه أراد أن يضرب لنا مثالاً ويقدم لنا نموذج للشكل الذي يجب أن تكون عليه الصحافة بشكل عام .

ربما أستغل كوني أدرس في أحد كليات الإعلام التابعة لأحدى أقدم الجامعات المصرية ، وهي ذات الكلية والجامعة اللتين تخرج منهما يسري فودة .الرسالة الأهم التي أراد أن يقولها يسري فودة هو ان الصحافة الحقيقة ليست هذا الهبل الذي نراه الآن في معظم الصحف المصرية والكثير من المواقع الإليكترونية التي تُبث من مكاتب الأمن الوطني ، إنما الصحافة الحقيقة التي تكون في صدام دائم مع السلطة والنظام ، دائمًا ما تتخلى عن صفوف رجال الدولة وتقف إلى صفوف الجماهير ليس تغليبًا لرأيهم على رأي الدولة ، بل نقلًا لرأيهم للدولة . كما لا يجب التعامل معها بهذا الشكل الروتيني الفج الذي يقوم فيه الصحفي مجرد ناقل للأخبار فقط ، والتعامل مع المهنة بطريقية ميكانيكية محضة ، فأين المهارة إذن ؟ أين تلك الدراسةالتي انكببنا عليها على مدى أربع سنوات لا نفعل فيها شيئًا إلا الحفظ والصم والدش ، الصحافة الحقيقية من وجهة نظر طالب بكلية الإعلام أولًا وقارئ وناقد للكتاب ثانيًا ، هي تلك التي قام بها " فودة " وكل من سار على نفس النهج ، تلك التي تحاول أن تعري الأنظمة المستبدة من قناعها الزائف وتبين معالم وجهها الحقيقي ، وتدخل في قلب الحقائق حتى لو كان هذا على حساب حياتها ، هكذا يجب أن تكون الصحافة .

من فترة كتبت مقال على موقع " ألترا صوت " وقلت فيه : إن الكاتب منهم أصبح لا يكتب حينَ تنضج في رأسه فكرة، إنه يكتب لأن موعد تسليم المقال قد حان وهو لابد وأن يكتب شيءاً، والجريدة هي الأخرى لا يهمها ما يكتب فهي تتعامل معه أيضاً بأسلوب "البيع والشراء" و"ما بين البائع والشاري يفتح الله". الصحافة لا تحتاج إلى المواضيع التي تأتي بأعلى عدد قراءات قدر حاجتها إلى صحفيين يقدرون المهنة ويعرفون شرف الكلمة وإلا سيتحول الوضع من سيء إلى أسوأ، كما تحتاج عقليات الصحفيين الحاليين أن تتحول من عقليات تلهث وراء أي خبر حتى وإن لم يكن له قيمة إلى عقليات تحترم القارئ.

الصحافة تحتاج كما قال محمد التابعي إلى أن "لا تسكت على الحال المايل وأن تقول ما تعتقد أنه الحق حتى وإن خالف ذلك الرأى العام، وأن توجه هي الرأى العام وليس أن تتملقه وتكتب ما يسره أو يرضيه" .

...

" يسري فودة " ينقل تجربته الشاقة والصعبة التي خاضها مع العقول المدبرة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر ، ينقل تفاصيلها بدقة واستطراد لا يصيبك بالملل ، في الحقيقة حتى قبل أن أقرأ الكتاب كنت أسأل نفسي " لماذا يسري فودة ؟ لمَ هم بالأخص " وفي الحقيقة هو ذات السؤال الذي قاله " يسري " لنفسه.

وفي الحقيقة من مواقع قراءتي للكتاب اتضح أن هناك سببان لا يقل أحدهما عن الآخر منطقية من وجهة نظري :

السبب الأول : هو ما استطت أن ألتقطه سريعًا من الأهداء ، هو تلك الدعوة التي عنون بها الإهداء ، وهي دعوة أمه الفرودسية التي كان بمثابة مفتاح لكل ما هو مستغل في وجهه " سافر يا بني مهما تسافر ، ربنا يحبب فيك حصى الأرض " .

السبب الثاني : هو موضوعية يسري فودة وتميزه ، وإيمان رجال القاعدة بأنه هو الوحيد الذي يستطيع أن ينقل بشفافية رأيهم إلى العالم كما يريدون بعيدًا عن الإعلام العربي المتأمرك .

...

في الحقيقة لا يحتاج إلى نقد لأنه في الأصل لا يضيف جديدًا لمن شاهد البرنامج ، لكن أرى أنه من الجيد تحويلها إلى كتاب حتى يكون شاهدًا حي على أننا لا زلنا نملك من الإعلاميين من مارسوا يومًا المهنة كما يجب أن تكون وكما تريد هي لنفسها ، لا كما يُراد منها أن تظل في كنف السلطة وتسبح بحمد الأنظمة المستبدة .

لو خُيرت بين سنوات الدراسة التي قضيتها ولا زلت أقضيها بين جدران كلية الإعلام – جامعة القاهرة وبين أن أجلس ولو محاضرة واحدة ليسري فودة ، لاخترته هو بلا شك ، فارق كبير بين من خاض وغامر بحياته نظير أن يقدم معلومة متأكد من صحتها ، وبين من يقول لنا أن السيسي رئيس عظيم عهده حافل بالإنجازات وآخر يقول " أن عمرو أديب إعلامي منصف ومتميز ويعتد بتجربته الإعلامية " ، ذكرني أساتذة الكلية الأفاضل بمثل نقوله " القرعة تتباهي بشعر بنت أختها "

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق