إن رواية " في ممر الفئران " و التى تم تنقيحُها و زيادة متنها و محتواها بعدما تم عرض فكرتها من قبل في " أسطورة أرض الظلام " ، تُعد من أكثر ما قرأت ميلاً إلى السوداوية - كما علق البعض - و التي لم تكن بالقدر الذي ينفرك منها ، فعلى النقيض تمام ... ما أن تبدأ في قرائتها حتى تجذِبُك دون أن تدري نحو ذلك العالم المظلم القاتم الخانق ، تتحسسه مع أبطاله ... تكتشفه معهم ... تتأمل بُعد خياله ... و مدى قُرب معانيه .
أذكر أني قرأت ما و جدته فيما بعد الأكثر قربًا من وصف الرواية في ثوبها الأسود الجديد ... يُقال فيه :
" في الحقيقة إن صدور " في ممر الفئران " الآن تحديدًا ليس استسهالاً كما يرى البعض ، فالرواية فعلاً لا تقل سوداوية عما نعيشه الآن ، و معالجتها بالنهاية الجديدة انتهاء صارخ لعهد رومانسية " د . أحمد خالد توفيق " الذي كان يعتمدها في قصصه و رواياته و مقالاته ، تلك الرومانسية كانت تستحق ذبحًا صارخًا كما حدث في الرواية ، فليس أكثرُ حدةٍ من أن يكتب الرجل روايةً قديمةً له من جديد و أن يغير نهايتها بما يليق بالهاوية التي نسقط فيها الآن بلا توقف "
" في الحقيقة فإن الرواية بغض النظر عن كونها محكمة و سوداوية و شيقة لمن لم يقرأ " أسطورة أرض الظلام " و مفاجئة لمن قرؤها ، إلا أنها أيضًا مؤشر فزع يجب أن نشعر به نحو العراب ، فبعد تلك الرواية يجب أن نعترف أن النبع الذي جف حقًا ليس نبع الإبداع ، بل نبع أهم و أكثر تأثيرًا فينا ، فلقد جف من قلبه نبع التفاؤل . "
" ليست السوداوية في انتصار الشر في النهاية ، و لكن في الرضا و النشوة التي تبعت هذا الانتصار ... تلك الابتسامة التي علت وجه الشرقاوي ... لقد نال ما كان يسعى له منذ البداية . "