زقاق المدق > مراجعات رواية زقاق المدق > مراجعة Mostafa Farahat

زقاق المدق - نجيب محفوظ
تحميل الكتاب

زقاق المدق

تأليف (تأليف) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

" نجيب " كتب عن الحارة كحارة،وكتب عن الحارة كوطن كبير،بثه شجونه وما كان يعتصر قلبه من حزن وألم ، " زقاق المدق " واحدة من الروايات التي يثبت بها "نجيب" لنا أنه قادر أن يصنع من مكان لا تتعدى مساحته أمتار معدودة،عالمًا رحبًا فسيحًا برحابة وطن كبير جدًا يعج بنهر متدفق من البشر،ويرسم لكل واحد منه شخصية مستقلة لها عالمها الخاص،لم أرى في " زقاق المدق " إلا تلك الصورة،كل شخصية من شخصيات الرواية كنت أراها في آلاف البشر،كانت انعكاسًا صادقًا لطباعهم وملامحهم التي لا تني تتفق مع شخصيات الرواية،وكل لمحة ولفتة إنسانية جاد بها " نجيب " كنت آخذها إلى منطقة أكثر عمومية وشمولية،وهذا ما أراده نجيب دائمًا لكتاباته،أرادها دائمًا أن تكون حرة،غيرمتقيدة بحدود الزمان والمكان حتى وإن بدا ذلك جليًا واضحًا، إلا أن رمزيته الفريدة التي كان يغلف بها رواياته كانت هي السبب في اتساع الفكرة التي كان يتحدث عنها على امتداد أعماله المتباينة..

" نجيب " هنا تحدث عن الحارة القديمة بشخوصها،وقدم تقريرًا مفصلًا عن طباعهم وطقوسهم الرتيبة التي فرضتها عليهم الحياة القاسية وطوتهم في أحشائها،تتغذى على أرواحهم،وتسحقهم بلا رحمة،مما حدا بالبعض أن يقابل عناد الحياة التي لا تلين بعناد أحدّ،كما تحدث عن الشاذ وغير المألوف من طباعهم،تحدث عن التمرد والثورة على القوانين الغليظة التي قيّد بها الفقر أفراده،وعن الحب الذي ينشا في حلبة المشاعر المحمومة وتتحكم فيه نوزاع الهوى والمادة،تحدث عن الطيبة واللين حين تتدثر بثوب الدين ومعالمه السمحة .

ببساطة رواية لا يسعك فيها إلا أن تتفاعل معها كأنك واحد من شخصياتها،وهذا ما برع فيه نجيب دومًا أن يدخل بقارئه إلى جو الرواية ويجعله جزءًا منها،فلا يسعك مع هذا إلا أن تحب السيد رضوان الحسيني،وتشمئز من كرشة صاحب القهوة لطبعه غير المألوف والشاذ،وتتعاطف مع حميدة حينًا وتنقم وتسخط عليها حينًا آخر،وترثي لعباس الحلو، الذي أسكرته نشوة الحب فطرب قلبه لدقاته العذبة الجميلة فتبدد حلمه الجميل على كبوس مزعج .

يقول نجيب : عندما كتبت عن زقاق المدق،لم أعرف أنها ترمز إلى مصر،إلا من خلال مقالين لنبيل الألفي ورجاء النقاش،وهو معنى لم يخطر ببالي أثناء الكتابة،ولكن حين قارنت بين ظروف حميدة وظروف مصر،رأيت تشابهًا كبيرًا،فالأول عميل للخواجات يريدها أن تعمل لحسابه،ولمصر أيضًا عملاء يريدونها للغرض نفسه،فرأيت انعكاس مصر على حميدة،فالتفكير المتصل في العام يترك أثره على الخاص .

Facebook Twitter Link .
2 يوافقون
اضف تعليق