بقايا النهار > مراجعات رواية بقايا النهار > مراجعة Mostafa Farahat

بقايا النهار - كازو إيشيجورو, عطا عبد الوهاب
أبلغوني عند توفره

بقايا النهار

تأليف (تأليف) (ترجمة) 3.7
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

يقول "إيشيجورو": عندما يخرج الكاتب عن التقليدي والواقعي في الكتابة، يكون لزامًا عليه أن يبتكر، أن يخلق عالمًا جديدًا وأن يلتزم به، وهنا يصبح للفوضى والمنطق الداخلي الخاص به هدف. لذا كان أسلوبه يتسم بكثير من الاقتصاد والتحفظ، فهو لا يقدم إلا التفاصيل الضرورية فقط، ينأى بنفسه عن الخوض في التفاصيل والأفكار الثانوية كي يكسب حضور القارئ، وفي نفس الوقت يمجد تلك الشخصيات الثانوية التي يجعلها في البداية على هامش الأحداث، لكن عندما تتعمق أكثر تشعر وكأنما تلك الشخصية التي حسبت للوهلة الولى أنها مجرد طيف عابر سرعان ما يتبدد في غمرة الأحداث، ما هي إلا زاوية أساسية يرتكن عليها العمل فيبرزهم عن طريق العلاقة التي تربطهم معًا.

على حد وصف "طلعت الشايب" لا تغلف أعمال إيشيجورو بالغموض والتحفظ فقط، بل إنه يحاول أن يتلمس السمة التي تحكم الحياة الأوروبية بافتقادها لعنصر الإحساس بالعمق والتواصل، لذا فإن أعماله ما هي إلا نتاج صراعاته الخاصة، فدائمًا ما يخدعنا ويجعلنا مرتبكين إما لنقصٍ في القص أو ضبابية الرؤية، فيترك القارئ وحده أمام النسيج المتشابك للحكاية، كي يشحذ الخيال والذهن ويصل إلى صفاته الخاصة من الحكاية، وقد شبهه بعض النقاد "بكافكا"، عندما يستخدم أساليب معقدة تشبه الحلم وهو يصف شخصياته، وهو تكنيك يجبر القارئ على مزيد من إعمال الخيال وشخصنة القصة والاشتراك في كتابتها وكأنه هو كاتبها الأصلي.

كثيرًا ما كان يبني "إيشيجورو" أعماله على أطلال الماضي تلك الجراح التي لا تلتئم سريعًا، ومنها تنشأ تلك التوترات التي تحس بها بين صفحات الكتاب، فكثيرًا ما تشعر بأن هناك من بين تلك الكلمات التي قيلت قصة لا بد وأن تروى مجددًا، وأحداث حالية ما هي إلا انعكاس لأحداث وقعت في الماضي، وما يتولد عن كل ذلك من أفكار مثل خداع النفس وخيبة في مناط الأمل، وتوترات ناتجة عن عدم التوافق والمثل الهابطة والكلمات التي كان ينبغي أن تقال، يستخدم ذلك كله لكي يجعل الناس يرون أنفسهم من خلال الماضي، في الوقت الذي يحاولون فيه نسيان ذلك كله لمواصلة الحياة.

كل هذا نابع من كونه فنانًا شديد الحساسية، يجيد تصوير الفرص الضائعة والأخطار الناجمة عن الفشل في التواصل وغربة الشخصيات عن الحياة، كي يثبت أن تلك الحياة ليست جديرة بأن تعاش بدون تلك العلاقات المهتزة، والقارئ لروايته "بقايا اليوم" سيدرك ذلك جيدًا، إذ يعتمد فيها على الذاكرة الفردية التي تقوم بعملية الفلاش باك على أحداث وقعت، التي يشعر القارئ نحوها بأن الأمر شخصي جدًا من اعترافات رئيس الخدم "ستيفنس"، الذي كان يحب "رئيسة الخدم" ورغم ذلك تركها تتزوج رجلًا آخر، فيحاول أن يستعيد بعضًا من ماضيه المسلوب، فيقوم برحلة إليها يحاول أن يبحث عن البقية الباقية من الشيء الذي تركه بداخلها فلا يجد، فيصل إلى حالة من ترويض النفس، ودرجة من الخمود في الفكر، ويرتكن إلى نفسه التي جعلها رهنًا لإنسان آخر.

أكثر ما كان يضايق "إيشيجورو" هو النظر إليه لكونه كاتبًا يابانيًا فقط، فيقول: "إن استخدامي الدقيق للغة ليست خاصية يابانية، فقد كانت "جين أوستن" و"هنري جيمس" يستخدمان الأسلوب نفسه بنجاح كبير، وأنا بطبيعتي أكره التطويل والتضخيم كما في مسرح الكاوبوي وأفلام كيروساوا، وليس لزامًا عليّ أن أعبر عن قضايا المجتمع الياباني في لندن أو أعكس اهتماماتهم"

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق