طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد > مراجعات كتاب طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد > مراجعة Mostafa Farahat

طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد - عبد الرحمن الكواكبي
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

إن الأمة إذا ضُربت عليها الذلة والمسكنة، وتوالت على ذلك القرون ، تصير تلك الأمَّة سافلة الطِّباع ، حتى إنَّها تصير كالبهائم، أو دون البهائم، لا تسأل عن الحرية، ولا تلتمس العدالة، ولا تعرف للاستقلال قيمة، ولا ترى لها في الحياة وظيفة غير التابعية للغالب عليها، وقد تنقم على المستبدِّ نادراً، ولكنْ، طلباً للانتقام من شخصه لا طلباً للخلاص من الاستبداد، فلا تستفيد شيئاً، إنما تستبدل مرضاً بمرض؛ كمغص بصداع ، وقد تقاوم المستبدَّ بسوق مستبد آخر تتوسم فيه أنه أقوى شوكةً من المستبد الأول، وربما تُنال الحرية عفواً، فكذلك لا تستفيد منها شيئاً؛ لأنَّها لا تعرف طعمها، فلا تهتمُّ بحفظها، فلا تلبث الحرية أن تنقلب إلى فوضى، ولهذا؛ قرر الحكماء أن الحرية التي تنفع الأمة هي التي تحصل عليها بعد الاستعداد لقبولها، وأمَّا التي تحصل على أثر ثورةٍ حمقاء فقلّما تفيد شيئاً؛ لأنَّ الثورة –غالباً- تكتفي بقطع شجرة الاستبداد ولا تقتلع جذورها، فلا تلبث أن تنبت وتنمو وتعود أقوى مما كانت أولاً .

السؤال الآن : هل حقًا كتب هذا الكتاب من قرنين ؟ ، للأسف الحتمية التي يفرضها التاريخ تقول : نعم ، لكن للمنطق رأي أيضًا ، فهو يرى أنه من المستحيل أن يكتب هذا الكلام من قرنين ماضيين ، كيف ؟ وشاهد الكلام يقول أنه لا يمكن أن يصدر إلا من رجل عاش معنا وبيننا ، فكان هذا الكلام تأريخًا حيًا لمشكلات هذا الزمان ، لا مشكلات قرون مضت .

الكاتب وضع يده على كل صنوف الاستبداد التي يخضع لها المسلمون والعالم اليوم ، الكتاب يعد في مجمله علامة مميزة في تاريخ علم الاجتماع أو حتى علم السياسة ، تحدث " الكواكبي " عن أشكال الاستبداد التي لا ينكرها أحد أنها توجد بنفس النمط الذي تحدث عنه الكواكبي ، وفيها حاول أن يقلل الهوة كثيرًا بين الحاكم والرعية ، حتى لا يسترهبوا المطالبة بحقوقهم التي من المفترض ألا تكون منةً منه عليهم ، وتحدث عن أسباب تأخر المسلمين وكيف أنهم أصبحوا عاجزين حتى أن يكونوا في ركاب الأمم ، فضلًا عن أن يزاحموهم على طرق التقدم والنهضة ، والسبب في ذلك هو هذا الاستبداد الديني والعلمي والمالي والأخلاقي والتربوي الذي تحدث عنه " الكواكبي " .

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق