مائة عام من العزلة > مراجعات رواية مائة عام من العزلة > مراجعة Wed Mohamed Yosif

مائة عام من العزلة - غابرييل غارسيا ماركيز, سليمان العطار
أبلغوني عند توفره

مائة عام من العزلة

تأليف (تأليف) (ترجمة) 4
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

مئة عام من العزلة

جابرييل جارسيا ماركيز

حين تضع بين يديك ضلفتى رواية مئة عام من العزلة فانت على مشارف عالم كامل فاغرق ، استسلم ، سلّم نفسك بدون شروط لـمئة عامٍ من العزلة ، ستتكور دآخلها مثل جنين شئت أم أبيت ستنفيِك إليها ستحتلك من رأسك حتى أخمص قدميك .. ستشعر بأنك بجانّب الكولونيل أوريليانو أمام فريق الإعدام .. ستغمّض عينيك حينها وتتذكّر حينما ذهبت معّه لرؤية الجليد لأول مره وذلك الجنون في رأس الأب خوزيه أركاديو بوينديا وقشعريرة يد الطفلين عندما لمسآ تلك القطعة الثلجية ستتذكر بساطة قرية ماكوندو في البداية وبيتوها العشرين .. وفي وسط أنغماسك في تلك الذكرى الهادئة سوف يخبط عقلك الصغير منظر الغجر وهم ينصبون خيامهم ويدقون طبولهم بصخب وحياة ، ستلمح ذلك الرجل الضخم ( ملكيادس) يتمتم بكلآم تارة تفهمه وتارة تجهله ..

تطن وقع كلماته بإذنّك وهو يهتف بصوت عال أجش:

( للأشياء حياتها الخاصّه بها وما القضيّه سوى إيقاظ أرواحهّا )

كيف يكون إيقاظ الأرواح دون زوآل بريقها ؟ هّل الأمر بتلك السهولة ؟

هل نسرق أرواح الاشياء والأشخاص والكلمات ونطلب منها أن تؤدي حياتنا الخاصّه ؟ هل نسلب حياتها بالفعل ؟ أم أنه شيء غير مهم قاله ملكيادس ليسوق عن اختراعه الجديد؟

أما بالنسبه لخوزيه فقد( أنكر ذاته كما يفعل العلماء)؟ هل يفعل ذلك العلماء حقا فيرمون أنفسهم في غيابات الجُب غير آبهين بالمخاطر على حياتهم ولا لسرقة الوقت لأعمارهم ؟

وفي وسط طيات الورق :

القريه المنسية بعيده عن عاديات الزمان و الطير ستشعر بطهر أهلها وبتلك البساطه التي أكاد أجزم أن غابرييل عاشها واستوطنته ولم ينسى شعورها ، من المستحيل أن تلك الكلمات المستشعره من وسط حدث لم تحدث ..

تغرق وتستلذ بغرقّك فترى، روُح تبحث عن خريطة الأموات عن ماكوندو فلا تجدها وتتسائل من أين لهم كل تلك الخرائط السوداء؟ هل يشيخ الموتى ؟ هل يتقنون فن الكلمّه ؟ أم الصمت لغتهم ؟ هل الظلام يغشاهم أم يغشوُن الشعور والطرقات فتعمى بصيرتهم عن الالوان والاشياء ؟ ، سترى تلك الذات تبكي وهي بعد في رحم أمها ولا تتوقف حتى يقطعون لها حبل الخلاص

تستسلم لإحتلال سحر غابرييل فتخترقك قُدرة بيلار تيريزا في تمكين خوزيه من أن يدرك لماذا يخاف الناس الموت ، لماذا ينكفأ المرء على نفسه متقوقعاً متخذاً من ذاته ملاذاً له ..

ستستشعر مقدار دهشة خوزيه أن الصدفه وجدت عنه الطريق ومقدار خيبة أورسولا في عدم ايجاد ابنها..

وفي وسط تسليم روحك تنقض عليك سهام الكلمّه قائله (لم يمت هنا أي أحد ولا ينسب الإنسان إلى أرضٍ لا موتى له تحت ترابها)

تقف كشجاعة محارب في وسط معركة تصرخ بين الحشود أيعقل ذلك يا ملأ ؟ هل الأوطان تستوطنا لدمائنا أم نستوطنها لترابها ؟

تسرقك أورسولا من وسط مسرحية حربك ، تجلسك ع طاولة الطعام وتوجه إليك ولخوزية قولاً محاولةً منها في فصل أرجاء ذاكرة خوزيِه ( ينبغي ألا تشكو من هذا الأمر فالأطفال يرثون جنون والديهم )

تدوُر في بيتهم المطلي باللون الأبيض النقي كحمامة بيضاء تعيش معهم ترى ضحايا الأرق ومعيشتهم للحياة (الحقيقة الهاربة) يحاولون الإمساك بها فتأسرهم الكلمات ولكنها ما تلبث أن تفلت منهم فارة بلا عودة عندما ينسون قيمة الكلمة والحرف والكتابة ..

عبق الزهور الميته لتلك النساء في الغرفة الخشبية في اروقة الصفحات تنتشّر وتتوسّع داخلّك كأنّك الغاز المتمدد دون نهايه

ستأذيك يد رغبة الانتقام التي صهرت فيها مخالب الانتقام خط السلام عند أسفل الشعور ، أمارانتا ورغبتها في مد تلك اليد بكل وحشية على أختها روبيكا ستحاول الإختباء من تلك اليد حينها في غياب أورسولا وفي الحضور الغير المرئي لملكيادس..

سترتعش تحت ضياء الفجر مع أمارانتا وهي تتظاهر بأنها تحك صدرها برؤوس أصابعها وتَردف قائله ( لقد أحدثوا فيَ جروحاً هائلة )

تتوقف عربّة الزمن في مضمار الصفحات و تخار قواك ولا تستطيع أن تطيق طعم الحرب النتن في فمك سيصبح كل شئ عادياً برتآبه قاتلّه لا شيء جديد وأكثر ما يثير الخوُف في تلك الحرب أنها لا تعرف النهايه كما نراها فى سوريا ونعيشه فى السودان ويدركه اليمن والعراق

تقعد في مقعد بيلار تيريزا الخيزرآني فتشتم موتها الذي ما زال عالقاً فيه منذ رحيلها وكأنت أبت إلا أن تتمسك فيه حتى في انتقالها إلى عالم الأموات

وفي غمضّة عين تكون في المطآر تنتظر رقّمك ال ٥٥ في الطابور وبجوآرك عجوز تبدُو عليه سمات الحكمه والجنون في آن ، يتمتم في غضب ( سوف ينحدر هذا العالم إلى الدرك الأسفل عندما يسافر الناس في الدرجة الأولى ، بينما يوضع الأدب في مركبة الشحن ) هل أصبح الأدب رخيصاً أكثر من وصفّ العجوز الحكيم ؟ هل صار الأدب بوآبة للضجرين المتباهين؟

هل أصبحت الكتب توضع بطريقه احترافيه مرتبه لا يكسوُها أدنى أشكال التصفح فقط لالتقاط صوُره ونشرها على الفيسبوك لننوه عن علمنا وثقافتنا واهميتنا ؟

ستصل إلى حافة الرواية وأمامك هاوية الى المستحيل واللامحدود واللامعقوُل وبجانبك مستنقعات تنبعث منها البخار وحشرآت براقه أزالت جميع أثر لوجود البشر في هذه المنطقه

سترى أن أوراقاً وضعت بإهمال مكتوب داخلها سلسلة الأحداث كتبت من قِبل ملكيادس و يعود تآريخها لمئة عام من قراءتك لها ، تنبعت من تلك الأوراق الأهازيج الغنائية والدهشه والذكاء

ستلمس عبقرّية غابرييل في جعل تلك الصفحات دون حدود فلا تعلم من أين تبدأ دهشتك

ستتسلق الجبال وتتوه في المستنقعات اللامتناهيه وستعبر الانهار الصاخبه ، سيقتلك اليأس المضني وتنتشلك الدهشة اللامحدودّه فانت بين حروف مئة عامٍ من العزلة التى تبددت بتلك الرواية لتريك صورة اخرى متسعة الافاق للانسان ودواخله وحلمه وحقيقته انا وانت ونحن وهم والكل فى رواية واحدة متجردا عاريا محررا من الاسقاطات الاستباقية ليندفع نحو البراهين الحية انها مئة عامٍ من التحليل لحياة ما بعد الحداثة وما قبلها ومن اين والى اين

Facebook Twitter Link .
5 يوافقون
اضف تعليق