سُقوط الإنسان مثل سقوط أبنية ،تهتز في الظلمة ، ترتجف ، ثم تهوي وتسقط ، ويرافق سقوط ذلك الضجيج الأخاذ ، ويعقبه الغبار والموت واللعنة.
يحكي لنا " عبدالرحمن منيف " في هذه الرواية سقوط " رجب " الذي كان سلاحه الصمت الذي مزَّق أحشاء الجلّادين في تلك السراديب المظلمة الباردة المليئة بالحشرات ، عذبّوه ، أهانوه ، دقّو رأسه بالجدران مئات المرات ، كما تدق المسامير في أخشاب السنديان ، ضربوه بالسياط وهو عاري تماماً ، يطفئون السجائر في وجهه ، وفي صدره وفي أماكن أخرى ، و عُلِّق في السقف سبعة أيام ، من أجل أن يعترف ، وكانت تحذره أمه بأن لا يقل شيئاً عن أصدقائه فالحبس ينتهي أمَّا الذل فلا ينتهي. البشر هناك ، ينتزعون من الإنسان كل شيء : الدموع ، الرغبة ، وحتى الذكريات. أمَّا الأفكار التي تعبر رأسه في الليل فإنهم يريدونها أن تتحول إلى كلمات ، إلى أسماء ، ومقابل ذلك يمنحون الإنسان الضرب والألم وحنيناً موجعاً للنهاية والموت !
بلغت السخرية بالجلادين درجة انهم يطلقون على التعذيب اسم " الحفلات "
الرواية موجعة جداً لما فيها من العذاب والعنف ، لدرجة أني أجد نفسي أبكي أحياناً ، لم يعجبني فيها تداخل قصة رجب مع أقاربه.
٢٤٣ : صفحة