التحول > مراجعات رواية التحول > مراجعة محمد الجدّاوي

التحول - فرانز كافكا, د. نبيل الحفار
تحميل الكتاب

التحول

تأليف (تأليف) (ترجمة) 4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

إنها الرواية التي تحول فيها بطلها "جريجور سامسا" إلى حشرة عملاقة في صباح أحد الأيام.

تساؤلي الأول قبل قراءتي لها كان: متى سيقع هذا الحدث –التحول- ؟

أسيقع بعد معاناة "جريجور" لمشاكل عديدة قصمة ظهر بعيره وأفاضت عليه كأسه في الربع الأول من الرواية مثلاً؟

أم لعله في منتصف الرواية كي يُمَهّد لهذا الحدث بشكل أفضل؟

أم ربما في الربع الثالث من الرواية حيث أن هذا التحول ستعقبه نهاية كل ما هو معتاد لـ"جريجور" وبالتالي قرب نهاية الرواية؟

.

.

.

لا!

تماماً ومن أول جملة خطّها "كافكا" في روايته، أطلق الحدث:

"في باكرةِ أحد الأيام، أستيقظ "جريجور سامسا" من نومه ليجد نفسه قد تحول إلى حشرة عملاقة..."

!!!

هكذا وبكل عفوية وبساطة.

لم أملك إلا التعجب.. حيث أني لم أتوقع أن يبدأ الأمر هكذا ومن هنا ! .. من البداية تماماً !!

،

حسناً.. ما الذي تلى هذا التحول؟

لا شيء يذكر..

عدا أن عائلته خذلته،

مشرف عمله تخلى عنه،

تعرض للطرد من عمله،

لم يعد ينطق الكلمات،

أصبح يعامل كالدّواب،

تم نبذه تقريباً من الكل ..

عدا كل هذا فهو بخير!

أقول هو بخير لأني لم أشعر أن التحول كان تلك المصيبة الهائلة بالنسبة لـ "جريجور" فهو لم يهلع أبداً أو يصب بالجنون لكونه تحول فجأة بل أشعر وكأن لسان حاله يقول: حسناً قد تحولت لحشرة.. هيا لأذهب للعمل فقد تأخرت" ..-في البداية على الأقل-

وهو ما أظنه نوع من الفكاهة السوداء.

أتعلمون كيف سيكون حالي إن استيقظت في أحد الأيام لأجد نفسي حشرة عملاقة ؟!

.

.

نعم.. أظنكم تعلمون.

،

مع انقلاب "جريجور".. انقلبت الأشياء من حوله وتغير النظام المعتاد..

أعجبت بمقدار التأثير غير المتوقع الذي حمله هذا الحدث على بعض الأمور، فوالده الذي لم يكد يفارق كرسيّه من قبل والذي كفّ عن العمل منذ خمسِ سنوات؛ أصبح قائماً صالباً لظهره، شديد القوى عاقد العزم.. حتى أن "جريجور" نفسه تعجّب لهذا النشاط الذي عاوده !

أخته التي كانت تتلقى التعنيف والعتاب في السابق من والديها، أصبحت الآن محل إشادةٍ من قِبَلِهِمَا بعد اعتنائها بـ"جريجور" في البداية.

والدته انقادت لاحقاً إلى فطرتها كأم -ولو بدرجة- فتبدلت من الاشمئزاز والولولة إلى الحنان نحو "جريجور".

،

لم أتوقع أن تصيبني هذه الرواية بنغصة أسى، فمنذ بدايتها وحتى النهاية،

كنت متعاطفاً مع "جريجور".. أشعر بالأسى لأجله ولما آل إليه حاله..

كيف أنه أصبح منبوذاً من أقرب الناس إليه،

عوض أن يتم الاعتناء به في حالته هذه على الأقل لكونه معيل الأسرة قبل تحوله، تم نسيانه بالتدريج ومضت العائلة تخوض في معترك الحياة.. وما يزيد من الأسى هو استمرار حرص "جريجور" عليهم وشعوره بالخزي لاضطرارهم للعمل وهم ليسوا أهلاً لذلك.

،

لعل هذا ما أراد به "كافكا" من روايته أو من ضمن ما أراده.. إذ أن الفرد حين يسقط ولا تعود منه فائدة تذكر، قد يتناسها الجميع ويمضون لا ينظرون إليه خلفهم.. ولا حتى لأفعاله السابقة وما كان لها من أثرٍ طيبٍ عليهم.

ما أقسى ذلك!

،

الموقف الذي أصابني بنغصة الأسى المحزنة وحمل بداية تعاطفي مع "جريجور" هو عندما فتح الباب لأول مرّة وهو على هيأته تلك.. أمام مشرف عمله ووالدَيه،

والكلام الذي ألقاه بعدها:

" "حسناً"، قال جريجور، وكان يدرك جيداً أنه الوحيد الذي حافظ على هدوئه، "سألبس ثيابي في الحال، وأحزم مجموعة العينات، وأمضي. ستتركونني أمضي، أليس كذلك؟ وإذن، سيدي مسيِّر الشركة، ها أنت ترى أني لست بالمعاند، فأنا أرغب حقاً في الشغل؛ والسفر شاق، ولكن لا حياة لي دون هذه السفرات. إلى أين أراك تمضي، سيدي المسيِّر؟ إلى المكتب؟ أليس كذلك؟ أستروي كل شيءٍ بدقة وصدق؟ فمن الممكن ألا يكون المرء قادراً على العمل في لحظة ما، ولكن وقتها بالتحديد ينبغي استحضار منجزاته السابقة، واعتبار أنه ما إن ينزاح العائق من أمامه حتى ينصرف إلى عمله بمزيد من التركيز والهمّة. إني مدين بالكثير لرئيسنا، وأنت تعرف هذا جيداً ومن جهة أخرى، فعلي أن أكون سنداً لوالدي ولأختي. أنا في ورطة، ولكني سأتخلص منها وإذن، فلا تزِدْ في تعقيد أموري المعقدة أصلاً. وابْقِ على مساندتك لي في الشركة ... "

الذي يفطر القلب أكثر هو أن أحدهم لم يفهم كلماته هذه، فكان كالذي يتحدث ولكنه لا يتحدث !

،

والآن..

لماذا تحول "جريجور سامسا" إلى حشرة في الأصل؟

هذا السؤال الذي وجب أن يطرح منذ البداية..

الرواية لم تتعاطى مع هذا الأمر بشكل مباشر.

هل تحول بسبب رتابة حياته، فشاغلة الوحيد كان الذهاب للعمل ثم العودة للمنزل ويتكرر الأمر،

فأصبح كالحشرة من فرط انغلاقه؟

أو بسبب حمله ديون والده و تكفل عاتقه إعالة عائلته،

فكانت مسؤولياته أكبر من أن يتحملها باله فتحول..

خصوصاً كونه لم يحب عمله وكان كالمرغم على أدائه؟

أو ربما كان سبب التحول غير مهم على الإطلاق.. هو تحول وكفى..

نتائج وعواقب هذا الأمر هي المهمة.

،

لكم وددت أن يستيقظ "جريجور" في فراشه في النهاية ويقول أن كل هذا كان كابوساً ليس إلا.

لكم وددت هذا حقاً ...

.

.

.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق