يا مريم > مراجعات رواية يا مريم > مراجعة Sarah Sabri

يا مريم - سنان أنطون
أبلغوني عند توفره

يا مريم

تأليف (تأليف) 3.6
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

وأنا أقرأ هذه الرواية، وجدتني أسالني ماذا تعرفين عن العراق يا سارة؟ العراق؟ العراق؟ لم تحضر الإجابات بسهولة، لو كنت سألتني ماذا تعرفين عن دول عربية أخرى لأجبتك أسرع. ظلت كلمة العراق بلهجة استفهامية ترن في أذني حتى أنهيت الرواية، وفجأة انهالت علي الإجابات.

أعرف بغداد حاضرة الدنيا، عاصمة الخلافة العباسية.

أعرف مكتبة بغداد التي صبغت مياه نهر دجلة بحبر كتبها.

أعرف النمرود.

أعرف آشور، وسومر، وبابل.

أعرف حدائق بابل المعلقة.

أعرف أرض الملل والنحل.

أعرف أرض العلامات .

أعرف موطن النخلات.

وأعرف بلقيس نزار أطول نخلات العراق.

أعرف أحمد مطر وكاظم الساهر ونصير شمة.

أعرف أن أبي قال لي مرة "العراقيين مثقفين جدًا".

أعرف "سافر يشتغل في العراق".

أعرف من قال لي يومًا عن صدام حسين "أسد السنة"، ومن يقول لي اليوم "قاتل ومجرم".

طيب يا سارة ومادمت تعرفين ذلك عن العراق لم جاءت الإجابة متأخرة؟ لأن صورة العراق التي استقرت في مقدمة ذاكرتي هي صورة مختلفة تمامًا، هي صورة الحرب والدمار والتفجيرات والعبوات الناسفة والمفخخات والأمان الضائع وصراع الطوائف، صورة الخوف، صورة البعبع الذي يخوفون به الشعوب الآن اقبل وإلا ستصبح مثل العراق، اسكت وإلا ستصبح مثل العراق، هل تريدون أن نصبح مثل العراق؟

سعدت كثيرًا لأنني نقبت في ذاكرتي عن صورة العراق المدفونة، وصرت أردد الكلمة وأتذوقها بفرحة ودهشة العراق العراق.

أما عن بلاد العرب، بلاد الرعب، بلاد الظلم أوطاني، فالحقيقة يدهشني جدًا أن مواطني كل دولة يشعرون بتميز وتفرد وخصوصية عن باقي الدول، والحقيقة أنهم جميعًا سواء. أجيال تحن إلى عصور ولت، وكل فئة تحن إلى عصر، حتى صرت أؤمن أن بلادنا المنكوبة لم ترى عصر خير أبدًا ، إنما نحن إلى ما نظنه خيرًا لأنه أفضل مما نحن عليه الآن، وأننا صرنا نعيش بعقيدة "أحسن الوحشين" و"أحسن من مفيش".

أقدر يوسف وأفهمه وأشعر به، وأقدر مها وأفهمها وأشعر بها. يا أخي عندما تعيش في بلاد تضطر فيها لإخفاء هويتك بقدر المستطاع لتحافظ على الحد الأدنى من أمنك وآدميتك فلا تطالبني بأن أحبوا أعدائكم... باركوا لاعينكم... أحسنوا إلى مبغضيكم... وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم؛ لأنه لم تعد لدي طاقة للحب، القدرة على الحب طاقة، وأنا طاقتي مشتتة في إخفائي، لأتمكن من البقاء كظل انسان بأقل قدر من الانتهاكات، ولا تخبرني بأن من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر، لأنه ليس خيارًا، وإنما الحل الوحيد المفروض عليّ. هذه بلاد لا تحب الشجر، ولا الحيوانات، ولا الطيور، ولا النساء، ولا المسيحيين، ولا الشيعة، ولا السلف، ولا السنة، هذه بلاد لا تحب الحياة. بلاد تتغنى على أمجادها التي وارت الثرى، فكيف لا تتحول إلى مقبرة كبيرة؟

في هذه البلاد كن متأكدًا من معلومة وحيدة؛ أنك ومهما كان انتمائك، فأنك لابد مكفر في نظر أحدهم، لابد. ولا أفهم صراحة، كيف وأننا متأكدون من هذه المعلومة نغفل هذه الصفة المشتركة بيننا جميعًا، أننا جميعًا كفار في نظر بعضنا، فلم لا نستغل هذه النقطة ونرجيء التقييم ليوم الحساب؟!! لم علينا أن نحاسب بعضنا الآن؟

علينا أن نتعلم العيش معًا كأخوة، أو الفناء معًا كأغبياء

والحقيقة أننا نقوم بدورنا كأغبياء على أكمل وجه.

أخيرًا وأنا أقرأ هذه الرواية تذكرت أمنية لدي منذ 8 سنوات تقريبًا، أمنية أوقن صعوبتها لدرجة أنني نسيتها، أو إنها عادت إلى الجزء الخلفي من الذاكرة مثل صورة العراق، أن أرتدي دلاية عليها صورة العذراء، هدية :)

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق