وثيقة تأريخية بقالب روائي مسكوب بروعة فائقة بداية من الأسماء المستعملة و دلالاتها السيميائية - التي قد تستعمل حسب ثقافة القراء على اختلاف خلفياتهم التاريخية - نمر من خلالها لنلتقى بشخصيات عرفناها و من هذه الرائعة عرفنا موقع بعضها و دوره في قضية فلسطين.
"الطنطورية" ترتقي برقيتها لتصبح "الطنطورية" كل فلسطين و رقية كل الشعب الفلسطيني و ما يرمز له من قهر و معاناة و لكن في الوقت نفسه الصمود و كذلك يرمز للتشتت و لكن في نفس الآن يرمز للاستمرار في الحياة و البناء في المكان الذي تشتت فيه.
هذه الرواية الثانية أقراها للكاتبة الرائعة "رضوى عاشور" بعد روايتها الرائعة "ثلاثية غرناطة" ، و كلي حزن مع انتهائي لروايتها أقول هذا هو يوم وداعها كذلك و للمفاجئة أن رواية "الطنطورية" كانت الراحلة قد انتهت منها و كتبت "تمت في 5 ديسمبر 2005" ، لا نملك الا الدعاء لها بالرحمة.
أكثر ما أعجبني في الرواية آخر جزء "على جانبي سلك شائك" فكأنها كانت تتسلق بنا الى أن وصلنا الى هذا الجزء الرائع و ما فيه من دلالات رائعة أن العودة حتمية و أن رقية الكبيرة ستخلد رقية الصغيرة و تورثها مفتاح دارهم - مع انها علمت ان البيوت هدمت- الا انها اهدت لحفيدتها ما ورثته عن أمها حتى لو كان الميراث من فوق سلك شائك مع ذلك الامل مستمر و حلم العودة سيورث. و في نفس الجزء عودة "ناجي" الى الحياة صغيرا سيكبر على نفس خطا الكبير الراحل "ناجي العلي" فالاجيال تتوالى بأسماء السلف و حلمهم لتبقى راية فلسطين خفاقة و حلم العودة سيصبح واقع.