العلم والحياة > مراجعات كتاب العلم والحياة > مراجعة أمل لذيذ

العلم والحياة - علي مصطفى مشرفة
تحميل الكتاب مجّانًا

العلم والحياة

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب مجّانًا
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

نسمع عن إختفاء عدد من علماء الذرة وتحديداً من نبغوا وكانت لهم إكتشافات عظيمة في ظروف غامضة وكذلك وفاة بعضهم في حوادث تبدو وكأنها مدبرة،وما يتبقى لنا من بعد رحيلهم هو الوثائق والدراسات والأبحاث العلمية التي خلفوها لنا،أي أن إرثهم للبشرية هو إرث علمي وحضاري،فالعلم هو رمز لحضارة الأمم ومقياس لمدى تقدمها،وما أثمنه من إرث تتنافس الدول على الحصول عليه خاصة في وقتنا الحالي ،وها هو كتاب (العلم والحياة) للدكتور علي مصطفى مشرفة،وهو لرجل من أهل العلم غادر عالمنا ولكنه ترك لنا بصمات سواء بحثية أو تربوية،فكتبه وإسهاماته العلمية موجودة وبالطبع نقل من تتلمذوا على يده الكثير من علمه،وفي أول الكتاب كانت هناك نبذة تعريفية عنه وضعت من قبل الناشر عبود مصطفى عبود على سبيل الإعتراف بالجميل وكذلك لتبيين قصة كفاح الدكتور علي مصطفى مشرفة،فهذا العالم نشأ في أسرة محبة للعلم وكان متفوقاً دائماً في دراسته،وكان يرجح كفة الدراسة على كفة اللعب حتى وهو صغير،وواصل في رحلته العلمية بالرغم من الخسارة المالية التي منيت بها عائلته وتم إبتعاثه لاحقاً للدراسة في إنجلترا،وظل محافظاً على القيم التي تربى عليها خاصة بأنه حظي بتعليم ديني أيضاَ،فالمصحف كان معه في وطنه وفي غربته،وكان كذلك ممن يعشقون الأدب والموسيقى وكانت له مؤلفات متعلقة بالأدب العربي،وبالطبع لبراعته في التحقق من الفرضيات وإخلاصه في علمه وإستمراره في التعلم مهما كبر تم تلقيبه ب"آينشتاين العرب"،وشاءت الأقدار أن يقوم أينشتاين بتنعية الدكتور مشرفة بعد أن إختطفته حادثة غير متوقعة من أيد الحياة،فقال أينشتاين "إنه لخسارة للعالم أجمع".

ومن بعد تخصيص الناشر لهذه الصفحات التعريفية الهامة بالمؤلف سنرى مقدمة قصيرة للغاية،فالكاتب إختصر مقدمته للغاية وأكد فيها على أهمية العلم وضرورة إثراء العالم به وتحديداً العالم العربي وبلده،هو أراد للمقدمة أن تكون على هذا الشكل ليؤكد بأن العبرة بإتباع الكلمات بالأفعال وهذا هو المحور الساسي للكتاب فيما يتعلق بالعلم،فللعلم علاقات بكل نواحي الحياة ،ومن هذه النواحي الناحية السياسية والناحية الصناعية والناحية المالية وغيرها كما ورد في الكتاب،فبدأ الكاتب بالسياسة وهي التي حذر الإمام محمد عبده من الإقتراب منها أو حتى التلفظ بها،ولعل الإمام قام بذلك كما يرى كاتبنا ليوضح لنا بنوع من الظرافة بأن السياسة تحركها المصالح،ومن هنا حكى لنا الكاتب عن رأي أرسطو حول السياسة وأيضاً أفلاطون وسقراط،فأرسطو يريد من السياسة أن تخدم المجتمع وبالطبع الشعوب ،وأفلاطون كان له تصوره عن "الجمهورية" أو"المدينة الفاضلة" التي سعى فيها إلى التنور بالقيم مع العلم ،وسقراط نظم الدولة التي حلم بها وسماها ب"الأرستقراطية"،وهي هنا لا تأتي بمعنى أن يسودها أصحاب الأموال بل أصحاب العقول،فالمؤسسات في تلك الدولة ستكون قرارتها تبعاً لمباحثات بين أهل الفكر ورغبات المواطنين،و وضع روادع أخلاقية تمنع العلماء من مجاراة أهوائهم الشخصية ومنها عدم حصولهم على إمتيازات معيشية تفوق غيرهم ،والكاتب راقت له أفكار علماء الإغريق التي منحت للعلماء الحق في أن تكون لهم كلمة مسموعة حينما تتخذ قرارات الدولة،فعند إنتشار وباء ما أو مرور المزارع بفترة قحط أو إرتفاع الضرائب لابد أن يتدخل العلماء بحلول مقترحة من قبلهم وهناك أمثلة تاريخية على ذلك،ومن بعد السياسة سنعرف عن طبيعة العلاقة بين العلم والصناعة،فالثورة الصناعية هي من الوقائع التي غيرت وجه العالم ،فهذه الثورة غيرت تشكيلة نفوذ الدول وأثرت كذلك على سياساتها وأولوياتها،وبالطبع كانت الدول الأوروبية هي المستفيد الأول منها والكاتب يذكرنا بتجارة العرب في العصور السابقة ومنها تجارة الأقمشة وكيف أنهى أذاعت صيت الحضارة العربية وأبرزت مكانتها على مختلف الأصعدة،وهو في هذا المقطع الإقتصادي يتحسر على تدهور الصناعة المصرية خاصة في مجال المنسوجات والقطن علماً بأن عدد كبير من المتسوقين كانوا يرون بأن القطن المصري هو الأكثر تميزاً والأكثر جودة،وناقش كاتبنا البعد المالي للعلم،فالعلم يساعد أن تكون هناك تحركات مالية سليمة ومدروسة،فالإستثمارات والمعاملات التجارية ينبغي أن تعرف تبعاتها القربية والبعيدة،ورؤوس الأموال التي يتم التعامل معها بعشوائية حتماً ستحفها مظالم ،وكاتبنا جاء بمثال الأراضي الزراعية وكمية الخسائر التي يتعرض لها ملاكها وأيضاً من يعملون فيها نتيجة لسوء التخطيط المالي الحاصل في بلده.

والكاتب صار يكلمنا عن رغبته في أن تستعيد الدول العربية حبها للعلم لأنه من سيفيق دولنا من سباتها الفكري،وهو كما شرح لنا سابقاً في الكتاب بأن الثورة المعرفية هي التي تؤدي إلى بقية التطورات وفي مختلف مجالات دولنا،فكان حديثه عن العلماء العرب الأوائل مثل ابن الهيثم وابن حيان وابن النفيس وغيرهم،فما هو أهم من كثرة المؤتمرات العلمية في الدول العربية هو إحياء ما تم الإتفاق عليه فيها،والكاتب أكد على أن الفئة الشابة في عصره متحمسة للعودة للمكانة العلمية والنهضوية التي كانت،وما ينقص هذه الفئة هو أن يحترم المجتمع نفسه العلم وأن يظهر ذلك بإحترام طالب العلم ومن يقوم بتدريسه كما رأى لدى الجامعات الغربية وكما كان يحدث في الجامعات الإسلامية في السابق ،وأخبرنا كيف حاول الخليفة أن يجزل بالعطاء لابن الهيثم على جهوده العلمية وكيف أن هذا العالم إختار أن يحظى بما يحتاجه دون أي زيادة وهذا لتواضعه ولرغبته في التركيز على علمه،ولهذا طلب كاتبنا من العلماء أن يتوشحوا بالقيم الخلقية وأن يجافوا الغرور والتعالي والتنافس الغير شريف ،فبالإضافة إلى ما يقوله أرسطو حول ضرورة الإلتزام الأخلاقي لأهل العلم فالكاتب أيضاً يسيق بوقائع من تاريخنا الإسلامي العربي وهو يريد لها العودة،وهو يرى بأن الدين الإسلامي بما فيه من تعاليم ومبادئ يشجع على العلم ويأمر بطلبه،ودلل بآيات من القرآن الكريم على ذلك ،ولهذا يجد الكاتب بأن هذا التأثير الإسلامي والعربي عميق للغاية على الحضارة الإنسانية والعالمية،وهو يؤمن بأن طبيعة العلم هي عالمية في الأساس وبأنه ليس حكراً على دولة أو حضارة معينة،فالحضارات كلها من يونانية ورومانية وعربية إستفادت من بعضها وإعتمدت على بعضها ودعمت بعضها بطريقة ما،وهو يعود ليعرض رأيه بأن عالمية العلم تتماشى مع عالمية الإسلام ويدعونا لإنماء هذا التوجه الحضاري وتحديداً الإسلامي والعربي من جديد...

كتاب (العلم والحياة) للدكتور علي مصطفى مشرفة،فيه وصية علمية طيبة لعالم تمنى إبصارها في حياته!

Facebook Twitter Link .
11 يوافقون
2 تعليقات