كان الشافعي من أفوه العرب في زمانه، وكان رحمه الله تعالى، من أعلم الناس، بل كان من أذكياء العالم، وما من علم تكلم فيه إلا كان فيه بحرًا لا يدرك آخره. كان لا يقوم له مناظرٌ أبدًا، برع رحمه الله في الفقه وأسس علم أصول الفقه في كتاب (الرسالة)، وكان من أهل اللغة وممن يؤخذ عنهم العربية، وكان عالمًا بالفراسة، ولا أقصد هنا تقصي العلوم التي برع فيها وإنما هي نبذة صغيرة جدًا عن جبل من جبال العلم، في أمتنا.
وهذا ديوانه، إلا أنه لم ينظم إلا في الوعظ والحكم، لذا لم يعد من الشعراء، ولو أنه نظم في باقي الأغراض كالغزل والهجاء والمديح ونحوهم، لَعُدَّ كما قيل أشعر العرب، وهو رحمه الله تعالى قال عن نفسه:
وَلَوْلا الشِّعْرُ بِالعُلَمَاءِ يُزُرِي *** لَكُنْتُ الْيَوْمَ أَشْعَرَ مِنْ لَبِيدِ
على كل حالٍ الديوان ماتع أيما إمتاع، وفيه من بديع الكلام ما لا يعد.