شعر الإمام الشافعي شعر مطبوع، تسيطر عليه -في الغالب- السلاسة والعذوبة، وتبرز فيه روح شاعرة سخرها لخدمة الدين، وطوعها لبث الأخلاق والحكمة، ناظرًا في ذلك إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من الشعر لحكمة".
ولأن الشعر لا يمثل من جوانب شخصية الإمام الشافعي إلا قدرا يسيرا، ولأنه لم يصرف همته إلى نظمه، فإننا لا نجد فيه الكثير من القصائد الطوال، بل جلُّه مقطوعات، وقد ساعد ذلك على ذيوعه وسهولة حفظه، وجريان بعضه مجرى الأمثال.
وليس من الدقة أن يُصنَّف شعره على أنه (شعر علماء)؛ فهذا القول قد يشير إلى التكلف، وندرة الخيال، والقصد إلى الإرشاد المباشر، وشعر الشافعي أبعد ما يكون عن ذلك؛ فهو شعر قريب من القلوب، ذو لغة سهلة، إلا فيما ندر، وإذا برز فيه أحيانا أثر للفقه ومصطلحاته - مثل: زكاة الجاه، النصاب، القياس- فهو أمر لا يستغرب.
ولأن شعره صادر عن طبع صادق، فقد برزت فيه ملامح شخصيته، كتقواه، وعلو همته، وترفعه عن الصغائر، وتواضعه، وعفوه عمَّن أساء إليه.