ورددت الجبال الصدى > مراجعات رواية ورددت الجبال الصدى > مراجعة Wafaa Farouk

ورددت الجبال الصدى - خالد حسيني, إيهاب عبد الحميد
تحميل الكتاب

ورددت الجبال الصدى

تأليف (تأليف) (ترجمة) 4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

لا يمكن وأنت تنتظر رواية خالد حسيني الأخيرة «ورددت الجبال الصدى»، و التي تأخرت نسختها العربية كثيرا، أن تمنع نفسك من التفكير في روايتيه السابقتين «عداء الطائرة الورقية»، «ألف شمس مشرقة» والتي تصدرتا قائمة الكتب الأكثر مبيعا لأسابيع طويلة وخصوصا بعدما تواترت الأنباء عن أن هذه الروايات الثلاث يشتركن في ظرفي الزمان و المكان.. بل أن حسيني في روايته الأخيرة التي استلهم عنوانها من أحدى قصائد «وليام بليك»، يستكمل الحديث عن موضوعه الأثير العلاقات العائلية..

هل غامر حسيني بجماهيريته و نجاحه؟؟ ! عندما عمد إلي نفس المكان ونفس الفترة الزمنية ليكونا إطار روايته الثالثة أم أنه كان يتحدي نفسه ويثبت أن ما عاشته أفغانستان منذ منتصف القرن الماضي وحتى الآن معين لا ينضب.

وهو ما نجح فيه من خلال روايته الأكثر عمقا و تعقيدا و شخصياتها الأكثر ثراء.

«في الأمام…ما وراء الخير والشر …هناك حقل …سألتقيك به» ..هكذا يستهل حسيني روايته بمقولة الرومي في أول اشاراته للقاريء، فعكس أعماله السابقة يقدم حسيني شخصيات ليست خيرة مائة بالمائة ولا هي شر مستطير نماذج انسانية..نراها و قد نكون أحدها..

أم ثاني اشاراته فهي حكاية يحكيها صبور الأفغاني الفقير لابنه عبد الله في الليلة الأخيرة قبل رحيله إلى كابول ليبيع طفلته «باري» لعائلة ثرية يعمل لديها شقيق زوجته «بروانة»، عن أب يمنح الغول أحد ابنائه لينقذ باقي العائلة.

«عليه أن يقطع أصبع ليحافظ علي اليد»، لكن الأب في الحكاية الخرافية لا ينسى ولده برغم أن الغول منحه شراب سحري ينسيه طفله، بعد أن رأي صغيره يلهو سعيدا في حدائق قصر الغول..يبقي الأب يسمع من الجبال صدى يناديه ولا يفهمه..إنه صوت الفقد و الغياب ..نداء جزء من القلب يذهب به شخص بعيد الحنين إلي مجهول أو معلوم.

حسيني الذي بدأ قصته بحكاية خرافية يقسم روايته إلي تسع قصص ميلودراميا أشبه بعالم الحواديت، لا يعتمد فيها علي ترتيب زمني ناسجا شخصياتها بروية وربما ليست بنفس الجودة ورابطا نسيجه بخيط خفي «عبد الله و باري» ..وحتى يلتقيا أنت أمام مرآة تعكس صور من الفقد والحنين ..الإكتمال و النقصان .. تتفرق بك الطرق و تجدك في أحد حكاياته متذكرا شخص تفتقده أو مبتسما لوجه ظهر ذات يوم و لو صدفة فأضاء لك الطريق دون قصد أو عن عمد، أو ملتمس لمبهم لا تدركه لكنه يسكنك .

لا شك أن الخط الميلودرامي في الرواية كان سلاح ذو حدين، لكن أغلب الظن أن صانع الرواية كان ممسك بخيوطها أغلب الوقت … وكعادته في كل رواية جديدة يحرك مشاعرك ويغير وجهة نظرك متظاهرا بالحيادية التامة تجاه الأحداث.

تجدك أحيانا تتعاطف مع هؤلاء الذين خذلوا من احتاجوا إليهم أو تحرروا من إلتزامهم أو لم يوفوا عهودا قطعهوا علي أنفسهم، لأن حسيني يرسم عذابات هؤلاء ببراعة ويكشف لك ما كانوا يكتمون فتكون أنت الشاهد الوحيد علي آلامهم والذي لا يجد إلا مواساة شخص لم يجد الراحة في التنصل من المسؤلية، أو مقتنعا أن بعض الذين اختاروا الإلتزام الطويل الأمد، لم يكن لديهم خيارا أخر فهم لا يذكرون ما كانوا عليه قبل إلتزامهم، كما إنهم لا يعرفون أي الطرق يسلكون إذا ما تحرروا، أو كما يقول حسيني علي لسان أحد أبطاله :«يقولون لك …جد لنفسك هدفاً..وعش لأجله. لكن، أحياناً، لاتعرف أنك كنت تمتلك هدفاً و تعيش لأجله إلا بعد انقضاءه».

مازال حسيني وللمرة الثالثة علي التوالي يتجنب ذكر الإجتياح الأمريكي لأفغانستان عن عمد، فقط يذكر المساعدات و يشعر بإمتنان بالغ لما يقدمه الغرب للأفغان، حتى أنه يجعل باري ابنة عبد الله تتمنى لو تمكنت من الإعتذار لجارها الذي عاد ابنه مصاب من موطن ابيها، وجعل «نبي» يرفض أن يأخذ إيجار لمنزل وحدات من فريق الإغاثة لإنهم آتوا لمساعدة الأفغان، كما أنه مازال يجيد الضغط علي مشاعر القاريء الذي يتخيل أن مواقفه من الشخصيات خياراته هو، و هذا جانب من موهبة خالد حسيني ..فلا أعتقد أنني تعاطفت مع بطل مثلي كما تعاطفت مع أحد أبطال الرواية، ولا أشفقت علي رجل تخلى عن تقديم عون كان باستطاعته أكثر من الشعور بألم خذلانه لمن احتاجه، مثلما أشفقت علي أحد ابطالها أيضا..ما وراء الخير والشر حيث نحن بشر وكفى.ِ

«إن القصص كالقطارات المتحركة، لا يهم أبداً من أين تركبها، لأنك ستصل غايتك عاجلاً أم آجلاً علي متنها».

هكذا يقول حسيني علي لسان أحد أبطاله، وأعتقد أنه وصل إلي غايته في رواية لم يلتزم فيها بالترتيب الزمني للأحداث، فكانت أشبه بألف ليلة و ليلة و استحقت جائزة أفضل رواية خيالية لعام 2013 ،

Facebook Twitter Link .
3 يوافقون
2 تعليقات