مذكرات شارلي شابلن > مراجعات كتاب مذكرات شارلي شابلن > مراجعة عدنان يعقوب القره غولي

مذكرات شارلي شابلن - شارلي شابلن
أبلغوني عند توفره

مذكرات شارلي شابلن

تأليف (تأليف) 4.2
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

في الف كلمة : لماذا احببنا شابلن ؟

حقاً لماذا احببنا هذا الفنان. ببساطة لان شخصية شابلن المتشردة تمثلاً الصمود. صمود الانسان المشرد في وجه ارصدة واوراق وول ستريت . انسان من لحم ودمى ولد في عصر البخار والازمنة الحديثة وزحام الثورة الصناعية وعاصر حربين عالميتين وما له غير لحمه ودمه في مواجهة عصر جديد.

انسان عليه ان ان يبقى شامخاً يتحدى ثروات ناطحات السحاب في مدينته رغم ضألته فكان ارفع منها واغنى بانسانيته. انه اشبه بالفأر الذي تحدى كل وحوش البرية طيلة ملايين السنين ليبقى عبر ذكائه وتكاثره المستمر المثل الحي للتحدي في صراعه من اجل البقاء .

تحدت شخصية المتشرد العصر الصناعي المضطرد النمو عبر كفاح انسانها في الهروب والتحايل على قوانينها المكبلة لحريته عبر معظم افلامه وتجلى ذلك بوضوح في فلمه الشهير الازمنة الحديثة .

تطرق النقاد في امريكا والعالم كثيرأً لشابلن كشابلن من وجه نظر سينمائية بحتة و تطرقوا الى نقده الساخر عبر فنه لكن نبل الشخصية التي جسدها وانسانيتها وواقعيتها لم تنل النصيب الكافي من النقد وقد اهمل - وربما بتعمد _ وخاصة في فترة الماركثية وما بعدها.

هذا الفأر شابلن كان يلين ويناور في وجه الحياة كعصاه التي لازمته في افلامه فهي تطوى وتلين حسب الموقف من اجل البقاء ولهذا لا ارى انه اختارالعصا عبثاً رديفاً لشخصيته.

قبعته التي يرفعها لكل سيدة ويتصرف كجنتلمان ولكل سيد حين يخطيء ليعتذركأنه يريد ان يقول اني شخص مسالم اريد ان اعيش في الحياة دون ان اقلق احد فدعوني اعيش كذلك .

هو متشرد يريد الحياة بكرامة كالاخرين لهذا رغم تشرده لم تفارقه ربطة العنق _ وان كانت ملابسه متهرئة _ ولازمه الحذاء رغم كثرة ثقوبه ولم يظهر حافياً ولن ينسى التحلي بوردة في جيب سترته العلوي رغم كونه يلتقط اعقاب السكائر من الارض فهذا لا يمنعه ان يبقى انساناً فالحضارة هي التي جعلته يلتقط عقب السكارة الملفوظ لانه هو نفسه لفظته الحياة ككلب على الهامش ( فلم حياة كلب ) ورغم ذلك يطارده القانون لان القانون لا يرضى بالتشرد.

ولكونه فأرأً يريد الصمود في عالم القطط السمان فانت تراه يتملق الشرطة والقانون احياناً وفي اقرب فرصة يركلهم بقدمه فنتعاطف معه لانه يضرب نظاماً جائراً يحاسب الفقراء على سرقتهم فتات قوتهم ولا يحاسب من يسرقون الملايين . الشرطي كان عدوه اللدود في افلامه لانه الرمز الذي يمثل القانون المكبل لحرية كل من يريد العيش حراً والشرطي هو الذريعة للنظام الاجتماعي الحديث للسيطرة على المستضعفين بواسطته وبأسم القانون .

النظام الاجتماعي رضي ان يجوع شابلن وصبيه ( فلم الصبي ) ويقنع بالبطالة فيما لا يسمح له بايجاد الفرصة للعمل عبر كسر زجاج النوافذ ومن ثم اصلاحه كما يحلو ان يجدا لهما عملاً يرتزقون منه ليسدوا جوعهم فتلاحقهم الشرطة وترانا نضحك ونقف الى جانب شابلن في معركته متضامنين معه ضد الشرطة و النظام . لقد اراد شابلن ان يناقشنا في هذا الموقف فهو يقول لنا الا يقوم هذا النظام الاجتماعي باختلاق الحروب ليبيع ماكنته العسكرية ويملأ جيوبه فلماذا اذا فعلتها انا الفقير يلاحقوني ؟؟؟

لقد تصدى لكل سلطة تقيد الانسان وابرزها سلطة الافكار لهذا تراه قد شن حرباً شعواء ضد هتلر في فلمه الدكتاتور العظيم الذي سخر به من هتلر وافكاره ونال عليه شرف الحكم بالاعدام من قبل هتلر حيث اصدر الفوههر امراً بذلك.

في كل انسان منا شابلن . انسان يعجز بالحياة وتعجر به حين تذيقه مرارتها فيسير وحيداً يطرق الطرقات يبحث عن من يسانده في هذه الوحدة وان كان شابلن المتشرد قد استعان بعصاه في التساير مع الحياة فانه بحاجة الى الصديق والحبية ( اضواء المدينة ) كونه انسان مثل الاخرين وفي هذا الفلم يطرح فكرة الصداقة مع الارستقراطية عبرالمنتحر السكير . اراد ان يقول لنا ان صداقة الراسمالية للشعوب تخضع للظروف ، في الصحوة والسكر .

لم يكن شابلن ممثلاً او مخرجاً عادياً ، ولم يكن عظيماً كممثل ومخرج فقط بل كان عظيماً كفيلسوف ايضاً ، ناقش ابسط البسطاء بفنه السينمائي و اخضع فكرة الانسان المتشرد كنموذج ليناقش احلاماً كبرى وافكاراً عظمى لذا تراه ابرز المتهمين في عصر المكارثية والتي اضطر على اثرها لمغادرة امريكا معلناً ان لا يعود اليها مرة اخرى وقد فعل ، ليموت في سويسراً ككهل لا يقوى على سحب خطاه والناس مشغولة في عيد الكرسماس لعام 1977 فيذكرنا بوحدته في ليلة عيد الميلاد بفلمه ( البحث عن الذهب ) حين يبقى وحيدأ في هذه الليلة ولا تأتي من يحبها كما وعدته فيذهب الى المرقص حين يرى الناس غارقين في سعادتهم يرقصون فيما ينظر هو اليهم بلباس المشرد بحزن في احدى اروع صور السينما المعبرة في القرن العشرين .

شابلن يشمخ بانسانيته ، فهي التي تدفعه للشموخ وخوض صراع غير متكأفيء من اجل الحياة للاخرين فتراه يتاجر بجسده في مباراة بالملاكمة غير متكافئة من اجل انسانة احبها ( اضواء المدينة ) حين يتخلى عنه الارستقراطي بعد صحى من نوبة سكر فنكره . اراد شابلن ان يعيد النور الى عينيها وبعد كل ما فعل وقد وجد ان عينيها قد عانقها النور يعيش حالة من نكران الذات اذ لا يخبرها بانه هو من قدم لها المال لاستعـــــــــــادة عيناها .

نحب شابلن لانه يعبر عن الانسان الطيب الكائن داخل نفوسنا الذي يعاني سحق العصر له باآته و اضطرابه ومتناقضاته وجبروته . هذه الحالة صورها شابلن بلحاقه بالآلة كي يسايرها في سرعتها حتى يدخل محركها كي يرضي صاحب العمل يثور بعدها ويقتاد الى مستشفى الامراض العقلية تحت ضغط العصر والماكنة والزمن الذي ياخذه من احلامه بشرب حليب من بقرة صباحاً في فطوره هو واسرته . فهو الانسان الذي يحلم بالعودة الى الطبيعة ( الازمنة الحديثة ) .

وفي فلم اخر هو الانسان الذي يعتبر اعتى مجرم بنظر القانون وتفتح له فرص الهرب التي يقدمها له سجانه فلا يفهم معنى الهروب _كونه انسان قيد بالقوانين التي يجب ان تطاع كما تعلّم خلال حياته _ و يرضى بقائه سجيناً لان المجتمع رآه كذلك ويجب ان يقبل بذلك.

انه الانسان الذي يقوده سوء حظه الى السجون التي صنعها التطور المادي للمجتمع فيعتبره القانون قائداً لمظاهرة ثورية حين يحمل راية سقطت من شاحنة يريد ايصالها لصاحبها فيتبعه حشداً من المتظاهرين ولا تجد الشرطة غيره هذا المسالم البريء لتجعله الضحية .

لقد مثل شابلن كل جراحنا نحن البشر ومقالتي هذه هي دعوة لاستذكار هذا الانسان الجليل ودعوة للاجيال الجديدة التي _ربما_ لم تفهم من شابلن الا الكوميديا بحد ذاتها ولم تتعمق في المحتوى الفكري لسينما شابلن ورسالتها .

وباختصار شابلن مثل شخصية رغم ضعفها تحدت العصر بكل تعقيداته بغناها الانساني فانتصرت عليه .

عدنان يعقوب القره غولي

العرب اللندنية 2-9-2011

Facebook Twitter Link .
2 يوافقون
اضف تعليق