لا يكف هذا الرجل عن ابهارك ... من أول كتب قرأته له " وبعد" ترى ذلك المزج اللذيذ بين الخيال و الواقع و تلمس تلك التقلبات الدرامية و الغير متوقعة في أطوار الحكاية و ذلك النسق الجميل المتبع في جل رواياته ، فميسو يبدأ في سرد الاحداث بنسق بطيء متناثر ثم رويدا رويدا يبدأ في لملمة الشذرات المتناثرة و تسريع الاحداث الى أن تصل في الاخير و قد انقبض قلبك و شدت معدتك و ضيعت محاضرة في الجامعة او اجتماعا مهما و انت تلاحق تلك النهاية التي دائما و في اعماله الثلاثة " وبعد" و "فتاة من ورق" و " لاني احبك" دائما ما كانت مبهرة و بشدة.
في هذه الرواية يعتمد على نفس النسق الفلاشات السينيمائية و بعثرة الشخصيات ، كما أظنه بدأ بالشخصية الصحيحة و المحورية فكان اختيار الأم العازفة لافتتاح الرواية نجاحا مهما ... تتميز هذه الرواية عن الروايايتين الاولتين بربط احسن و اكثر اتقانا بين الحقيقة و الخيال بشكل لن تستطيع ابدا تصوره و من المستبعد جدا الا تنبهر به.
ما يعجبني في كتابات ميسو ، تلك السحنة الانسانية و ذلك الالمام بخبايا النفس البشرية و تقلباتها التي يحاول أن يملأ بها رواياته فهي ليست فقط سردا و حكاية لكنها في الاخير تحمل الكثير من المشاعر و الاحاسيس .
في هذه الرواية هناك الألم، الفقد، الضياع، الغدر، الانتقام ، اليأسمن الحياة، رجوع الامل،محاولة معاقبة النفس، محاولة التداوي من الماضي، كيف يمكن أن تصبح مجرما و للابد، الصداقة، التضحيةو كذلك الحب.
لا أنصحكم ابدا أن تتجاهلو هذه الرواية كما أني متأكد أنكم لن تتجاهلو أي رواية لميسو بعد أن تقرؤوها :)