حديث الجنود > مراجعات رواية حديث الجنود > مراجعة Ahmad Ashkaibi

حديث الجنود - أيمن العتوم
تحميل الكتاب

حديث الجنود

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

كلنا تعلمنا الكتابة...نعم.. تعلمنا كيف نمسك بالقلم ونخط الحرف... لكننا لم نتعلم كيف نقلب الحروف سحرا والكلمات عطرا والكتابة عمرا.

أخي وصديقي الحبيب الدكتور أيمن العتوم..لم نكد نصحو بعد من ذهولنا بروايتك الأخيرة (ذائقة الموت) حتى فاجأتنا برواية هي أشد وطئا وأكبر وقعا وأمضى مثلا..

في يدك يستحيل القلم وترا في قيثارة الزمن الكئيب...فينثال من بين أصابعك كل ما لذّ من الألحان والألوان فيطرب من يطرب ويشجو من يشجو... ولا يزال طنين هذه الألحان يرن في أذني ويتردد في ذهني ولا يجد إلى الخروج سبيلا..

إن موضوع الحياة الجامعية موضوع لذيذ يدغدغ عواطفنا جميعا...ويعود بنا إلى ذلك الزمن الجميل الذي هوت فيه مطرقة الزمن أول مرة لتصقل شخصياتنا لتشكلها بعد على النحو الذي نحن عليه الآن...

موضوع الرواية يطرق للمرة الأولى على المستوى الأردني – على الأقل – وذلك لعدة أسباب:

أولا هو موضوع حساس يطال العديد من الشخصيات البارزة وليس من السهل ذكر ما حصل دون تجريح...وهو أيضا يتطرق إلى مواضيع حساسة مثل الخوف من المخابرات وتنشئة الصغار على ذلك... ومثل الإقليمية التي كان لها دور كبير في إثارة الفتن وكانت الجامعة مرتعا خصبا لها..

ثم إن هذه الأحداث التي تتحدث عنها الرواية قد مضى عليها ما يقرب من الثمانية والعشرين عاما وليس من السهل كذلك الإحاطة بالتفاصيل بعد كل هذا الوقت... فما بالك باستحضار الجو الطلابي والجامعي..

وأخيرا فإن هذا النوع من الكتابة تتطلب جرأة فريدة من كاتب فريد مثل الدكتور أيمن العتوم..الذي أعترف بأنه قد أعاد تعريف الرواية الأردنية وأعاد صياغتها لترتقي إلى مستوى أعلى مرموق بين الروايات العربية...

في ثماني فقرات سمان وثلاث صفحات ونصف يلخص لنا الدكتور أيمن حياة (ورد) في ومضات سريعة كأنك تنظر في (ألبوم) صور.

بعد الثانوية العامة تقذف بنا الحياة إلى الجامعة لنصارع أمواجها الطاغية ورياحها العاتية

قد يكون الطلاب مسجلين في الجامعة ذاتها لكن كلا منهم يذهب إلى جامعة تختلف عن الآخر: فتجد مثلا من يذهب إلى الجامعة ليدرس فقط ويحصل على الشهادة ولا يلتفت إلى شيء آخر.. وتجد من اتخذ الحياة الجامعية لهوا ولعبا وغاص في المتع حتى أضاع نفسه ودراسته.. وتجد من يريد أن يتعلم ويعيش حياته الجامعية ويكسب صداقات ويصقل شخصيته وينمي فكره..وصاحبنا (ورد) من ذلك النوع الثالث..

الجامعات هي عبارة عن مجتمعات مصغرة للدولة التي تحتضنها.. ولكن وللأسف... لم تعد جامعاتنا هذه الأيام كما كانت من قبل... يوم كانت الجامعات معاقل فكرية وملتقيات ثقافية...تلتقي فيها الأديان والأطياف والاتجاهات .. وفيها تنعقد النقاشات والجدالات الفكرية والفلسفية.. وكانت مهمة إدارة الجامعة وهمّها الوحيد هو القضاء على هذه الجماعات الفكرية والتكتلات الحزبية... وكأن طالب الجامعة جاء إليها ليدرس فقط.. وكانت إدارة الجامعة تعد خططا مدروسة للقضاء على مثل هذه الظواهر.. .. ولذلك كان العداء ظاهرا بين إدارة الجامعة والجمعيات الطلابية إذا كان رؤساء الجمعيات من الإسلاميين أو الحزبيين..

وقد نجحت هذه الخطط - على مر السنين- بإبعاد العمل السياسي عن الأوساط الجامعية.. بالقمع وبالتخويف والتهديد ومساومة الطالب على مقعده الدراسي... ومن ينظر اليوم إلى حال الجامعات وطلابها يرثي حالها .. فلا عمل طلابي ولا نقاشات فكرية ولا وعي سياسي ولا ثقافة ...بل إن العداء قد انتقل من كونه بين الجمعيات وإدارة الجامعة إلى أن أصبح بين الطلاب أنفسهم...وأصبح العنف ظاهرة جامعية يبحث لها عن حل...وإذا رجعت إلى أسباب العنف وجدتها تنم عن الجهل وقلة المروءة وانعدام الحياء العام...

الأصل أن تكون الجامعة منبر علم وثقافة وحضارة وحرية... ولكن عندما تطلب إدارة الجامعة من قوات أمن الدولة أن تتدخل لفض اعتصامات طلابية داخل أسوار الجامعة للمطالبة بحقوق شرعية فإن ذلك يدل أولا على إخفاق الجامعة وفشلها في سياسة الطلاب وإدارة مصالحهم ... وثانيا يدل على أن الجامعة تناست الهدف الأساسي الذي أنشأت لأجله وهو رسالة الجامعة الأكاديمية وأصبح الهدف هو إثبات من هو الأقوى ومن له السلطة والسطوة..

الأحداث التي سطرتها (حديث الجنود) تكررت مرة تلو المرة.. وأذكر منها ما عاصرته في أحداث شبيهة في (البوليتيكنيك) عام 97 .. وتكررت كذلك سطوة الجامعات التي كانت تضرب فعلا بيد من نار وحديد لتقمع كل من يرفع رأسه في وجه الجامعة .. ثم قامت الجامعات بسحب المميزات التي منحتها للجمعيات الطلابية شيئا فشيئا.. حتى لم تعد رئاسة الجمعيات تعني سوى منصب فخري... بل إن كثيرا من رؤساء الجمعيات في بعض الجامعات حاليا يترشحون بناء على انتماءات إقليمية أو عشائرية ثم يفوزون بالتزكية.. للأسف

لا يزال الدكتور أيمن العتوم يمتلك روح الشباب المناضل المدافع عن الحق.. وكأنه كان قد ابتعد عن الجامعة قبل أن ينتهي دوره فيها.. وها هو يعود الآن ليكمل ما بدأه ولكن بطريقته الخاصة... فهو يستنهض همم الشباب ويستثير عزائمهم ليقفوا يدا واحدا ضد الظلم وضد تلك السياسة التي تريد القضاء على النشاط الطلابي الفكري في الجامعات...

لفتات:

أعجبني جدا ذكره للمدن والقرى الأردنية والذي أضفى جمالا خاصا وطابعا فريدا ....ولا يفوتني أن أذكر براعة الدكتور أيمن في الوصف وجمال التصوير في هذه الرواية.. ولم أقرأ في حياتي وصفا أجمل ولا أشهى من وصفه للمنسف الأردني..

للدكتور أيمن قلب شاعر.. فعندما يجري قلمه ليخط التاريخ تخضرّ المروج على جانبيه وتزهر الحقول في ذاكرتنا فتفيض عبيرا وتترك عبقا جميلا يبقى أثره في نفوسنا طويلا...طويلا جدا..

هل أتاك.........حديث الجنود؟

أحمد الشخيبي

Facebook Twitter Link .
9 يوافقون
1 تعليقات