لو أن مسافراً في ليلة شتاء > مراجعات رواية لو أن مسافراً في ليلة شتاء > مراجعة محمد أحمد الشواف

لو أن مسافراً في ليلة شتاء - إيتالو كالفينو
أبلغوني عند توفره

لو أن مسافراً في ليلة شتاء

تأليف (تأليف) 4.4
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

1- أي كلام عن حكاية القصص، الغموض في بعض الأحيان، أو حتى بعض الملل، لن يصمد طويلًا أمام هذه المعجزة السردية.

2- أعتقد أن البنية القصصية هنا لو تمت معالجتها بصور مشابهة لأنقذت وجه القصة القصيرة في عالم تسوده فقط النبرة الروائية (أو النعرة إن صح التعبير)، بحيث يكون هناك تشابك ما بين القصص –تشابك بنيوي حقيقي.

3- المدهش هنا العبثية الواضحة في النص، ودعوني أعرِّج على هذا البنيان المهيب، الصرح الذي يغريني دومًا؛ تذكرت كثيرًا كافكا في ثنايا الرواية، ربما لتشابه مشهد مع آخر في المحاكمة، فهنا تختبيء لودميلا في مكتب البروفيسور الجامعي أثناء حديثي -أنا القاريء- معه، ثم تخرج لتشاركنا الحوار دون سبب واضح لاختباءها ودون تعجب البروفيسور، فهذا الأمر يبدو عاديًا بالنسبة له، يتشابه مع مشهد آخر في المحاكمة حين زار جوزيف ك منزل المحامي المريض، وأثناء حديثهما، والمحامي على فراش المرض، يخرج زائر يختبيء خلف الستار، ويحدث نفس رديّ فعل لودميلا (الزائر) والبروفيسور (المحامي).

العبثية هدفها تحقير ماهو قائم، أن تجعل من أمور عظيمة أشياء تافهة، ومن أشياء حقيرة أمور ذات معنى في سلاسة تجعلك تتوقف أمامها في اندهاش، كافكا استخدم هذا الأسلوب لتحقير العالم للإعلاء من شأن نفسه وروحه ونصِّه، كان يبحث عن الانتصار في الأدب، وبنفس الأسلوب، يُميت أبطاله لكي يعيش هو، فهم بموتهم يُنقذون كافكا من الانتحار. العبثية هي أكثر المدارس الأدبية تناسقًا مع عصرنا حيث هدم الثوابت والمقدسات هي السمة الأبرز لعصر العلم، حينها لن تفيدك الأساليب النمطية، فالنمطية ماتت، المثالية انتحرت، لا شيء مُتوقّع الآن، الرهان الأكبر على العبث، فهو مضمون أكثر.

دعني أقول أن الرجلين (كافكا وإيتالو) لديهما نفس الشغف بالتفاصيل وتفصيلات التفاصيل وإقامة العبث على نقض هذه التفاصيل لتشكل عالمهم الخاص، أعتقد أن الأدب الحديث قائم على هذه النقطة؛ الرههان على التفاصيل، لا شخصيات، لا أحداث، لا زمان لا مكان، بل تفاصيلهم هي ما يتم اللعب عليها لتشكل العبث.

العالم أتفه مما يكون (يعنى لو كان لك ميل للعبثية)، انظر لهذا الحوار:

لفتح البوابة لي كان هناك حفّار القبور الذي التقيته بالفعل في حانة نجمة السويد.

- "أنا أبحث عن السيد كاودرير" قلت له.

أجابني: "السيد كاودرير ليس هنا. ولكن بما أن المقبرة هي دار أولئك الذين ليسوا ها هنا، فادخل"

هذه القطعة تُكتب على ورق من دهب وتتعلق على الجدران!

4- الرواية مليئة بالانطباعات المتناقضة؛ ملل، تشويق، ضجر، رضا، غموض، وضوح...

الملل والتشويق: لو أمكننا تمثيل حالة الملل بالقيظ، والتشويق بإغراق الرأس في حوض ماء بارد، فالذي فعله إيتالو أنه كان يتركني تحت صهد الشمس ثم يُمسك رأسي ليغرقها في الماء ثم يرفعها للشمس ثم يُغرقها في الماء، وهكذا، حتى تركني في نهاية الرواية ليُزوّج البطل-اللي هو أنا عقبال عندكو- بالبطلة- اللي هي لودميلا القارئة يعني- يا حبذتا يعني :D.

الملل يتركز دائما في السرد الاستهلالي، وهو غير السرد القصصي القائم على الحكي، كنت تحدثت عنه في مراجعة مهر الصياح، وأطلقت عليه لغة الملح، فهو سرد يتعلق بالمجرّد، لذا ففرص الملل فيه أكثر- بصفة عامة يعني!

الضجر والرضا: وصلت حدًا قي القراءة دفعتني للتفكير في تركها خصوصا بعدما تأملت حالي وأنا أنعس والكتاب بجواري، بعدما قتلني الملل.

لكن لما وصلت لمنتصف الرواية أدركت أن هناك شيء ما غير عادي فيها وأنني يجب قراءتها مرة ثانية- ربما في يومٍ ما.

الغموض والوضوح: يقول إيرميز مارانا-إحدى شخصيات الرواية: "إن قيمة الأدب في وجهة نظره تكمن في قوة غموضه، وفي غموضه تكمن حقيقته"

من المؤكد أن هذا نفسه رأي إيتالو، أوعز به إلى أحد شخصياته.

الترجمة: رائعة، وأعتقد أن غموض إيتالو نفسه أعاق المترجم عن بعض عمله، فزاد هذا من الغموض أكثر!

الخلاصة: رواية مدهشة.

Facebook Twitter Link .
3 يوافقون
اضف تعليق