زمن الخيول البيضاء > مراجعات رواية زمن الخيول البيضاء > مراجعة عمرو عزازي

زمن الخيول البيضاء - إبراهيم نصر الله
تحميل الكتاب

زمن الخيول البيضاء

تأليف (تأليف) 3.8
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

<b>زمن الخيول البيضاء</b>.. لا أعرف –والله– كيف لي أن أوفِيَ زمناً كهذه حقَه في مراجعة !ـ

كيف تختصر ملحمة - كهذه- يؤرخ فيها كاتبٌ مبدعٌ لآلام أمةٍ بأكملها !ـ

من العنوان إلى آخر حرفٍ في الرواية قمةُ التشويق و الألم الروائى ..ـ

<b>زمن الخيول البيضاء</b>.. نسبةُ هذا الزمان للخيل يهمس لك بصفاته ! .. زمانٌ صفته الشجاعة و الأصالة و الجمال كصفات الخيل .. ناصع البياض كلونها .. زمانٌ حرٌ أصيلٌ مثلها !ـ

الخيل بناتُ "الريح" .. تعرفُ ابنَ الأرضِ من قسماتهِ التي تشبهُ "ترابها" و تتنكر للدهماء و الخونة و المنافقين من بني "البشر" !ـ

<u> <b>عمر الرواية و مكانُها</b> </u>

مائة عامٍ و يزيد هو عمر هذا الزمن .. ثلاثة أجيالٍ لعائلة فلسطينية واحدة من قرية " الهادية" .. هذه القرية التي تخيلها الكاتب ، و ما هي في الحقيقة إلا ربوع فلسطين كلها !ـ

ترجمَ كاتبنا المبدع ملحمته الروائية الرائعة بأسلوب شاعري جذاب ، تشعر معه أنه لم يترك حتى أدق التفاصيل و الموروثات و العادات الشعبية .. زرع -بصمود الأجيال الثلاثة و جهادهم و حياتهم- الأملَ في القلوب من جديد مع قدرٍ لا يقل عنه من الألم !

من خلال عائلة الحاج "محمود" و بخاصة ابنه "خالد" .. كانت فصول الرواية الثلاث <b>( الريح – التراب – البشر )</b>الممتدة عبر قرن من الزمان في مقاومة البطش العثماني، و من بعده الإحتلال الإنجليزي، إلى جهادهم ضد كلاب الأرض من الصهاينة على أرض فلسطين !

<b> <u>الباب الأول – الريح :</u> ريح انجليزية محتلة تقتلع جذور الخلافة العثمانية الضعيفة المستبدة من فلسطين</b>

هنا تبدأ الرواية .. صوت الريح يتصاعد مؤذنا بنهاية الخلافة العثمانية النى ضعفت .. و ياللعجب فبالرغم من ضعفها استبدت ،أو قل مع استبدادها ضعُفت ..! كان يجب أن يُحْكِم آخر سلاطين الخلافة غلقَ الأبواب و النوافذ حتى لا تذهب مع ثورة ريح الانجليز المجرمين !

هنا ترى كيف أننا كنّا السبب منذ البدء في ضياع الأرض .. بفساد حكامنا و كثرة الظلم ( من جمع للضرائب بطرق تعسفية – و بطش الأعوان بشكل لا يقبله أي أحد – حروب خاسرة ..إلخ من مظاهر الاستبداد) .. كان لابد لريح الانجليز أن تقتلع جذور الخلافة من أراضي المسلمين ؛ فسلاطين الخلافة هم من مهدوا لها الطريق .. ثم لتعطى الوعد المشئوم لكلاب الصهاينة ليلوثوا بنجاساتهم طهر أراضينا .. النتائج دائما هي محصلة للمقدمات والأسباب !

الهادية هي موطن الرواية.. يرسم لنا الكاتب فيها الروح الفلسطينية ، و يأخذ بأيدينا لنرى عن قرب ملامح أهل فلسطين و عاداتهم و تقاليدهم .. الهادية هي كل فلسطين حقيقةً .. بلادٌ في حجم القلب ، لاشئ فيها بعيد و لا شئ فيها غريب !

الخيول هنا بارزة جدا منذ البداية .. أرى فيها رمزية القيم العليا و الأصيلة التي تسكن روح أرض فلسطين و أهلها .. عجيبة هي الخيل في هذه الرواية .. تراها تبكي، و تضحك، بل وتعشق، وتأخذ مكانة لا تضاهيها مكانة عند أصحابها تصل لتقبيل أقدامها !

<b> <u>الباب الثاني – التراب :</u> بداية احتلال الانجليز لتراب فلسطين و وعدهم المشئوم لكلاب الصهاينة</b>

التراب .. كلمة قد تأتي بها في سياق المدح أو للذم !

فمع الاحتلال الإنجليزي لفلسطين بدأت المعركة على " التراب " .. تراب فلسطين !

هنا ألصقوا رؤوسنا و أنوفنا بـ " التراب " .. نستحق ما نحن فيه من الذلة .. فما هو إلا صُنع أيدينا

ظهور الخونة و المنافقين ( كالزعامات الكاذبة ) الذين باعوا الأرض و استرخصوا " تراب " الأوطان ... زمن العدوان على الأوطان و الثورات دائما يفضح المنافقين و العملاء ، يُظهر لك وجه عدوك جلياً لا تخطئه !

أبواب الريح التى فُتحت في آخر عهد العثمانيين ، ها هي تثير " التراب " في الوجوه ..لكن .. يجب ألا ننكسر .. قد ننتصر مرة أو ننهزم مرة .. يجب ألا ننكسر .. فالأمل باقٍ ..فبرجال كـ "خالد" و من معه بدأت المقاومة و لدفاع عن " تراب " الوطن في وجه المغتصب .. في وجه من أعطى وعداً للكلاب أن تلوث الأرض بنجاسة لا بمحوها حتى أن تحثو عليها " تراب " الأرض جميعا !

و علينا ألا نبكي على من استُشهد فدموعنا –والله- تلوث جراحَه ، بل يجب علينا أن نسير على دربه .. فبهذا ننتصر !

هذا ما تعلمته من مشهد موت البطل " خالد" في هذا الباب الذي أثّر قيّ كثيراً .. فقد تذكرت أنه في الباب السابق"الريح" أُطلق عليه النار و ظننت أنه مات .. فاجئتني عودته و مشهد قبره المفتوح تُزهر عليه زهرةً ..!

فلا شك أن موت الأبطال يبكينا و لكن يجب ألا يكسرنا ، فدماؤه ما هي إلا بداية جديدة لنا ، و لا يعني موتُه أبدا نهاية القصة .. فإذا مات البطل سيُزهر من صلبه و صلب غيره زهور أبطال كُثر سائرين على نفس الدرب ! ..

على قدر الألم الذي شعرت به في هذا الباب و الدموع التى سكبتها ، على قدر ما زُرع في داخلي أمل كبير يتجدد بأننا سننتصر فنحن لا ننكسر !

<b> <u>الباب الثالث – البشر:</u> زمن العصابات اليهودية و المستوطنات و النكبة</b>

هنا تُسكب العبرات !

العصابات اليهودية تعتدى و تقتل و تدمر .. لا يفرقون بين البشر و الشجر و الحجر .. يدعمه كلاب الإنجليز و الطابور الخامس في بلادنا !

المقاومة تشتد .. لكن الخيانة أعظم في بلادنا

عمليات التهجير الإجبار ي و الطرد ... شلالات الدموع في العيون التى لم تتوقف حتى يومنا

سمية تنشد في عتمة عربة التهجير من الأوطان :

عمي يا أبو الفانوس

نوّر لي ها العتمة

خوفي الطريق يطول يابا

و يطول معك همّي .. و يطول معاك همّي

لكننا -إليها- بوعد الله مهما طال الزمن عائدون!

.

.

.

إذا كنت تشعر بخبو شعلة الحزن في قلبك على بلادنا المحتلة و تشعر بإلف مأساة فلسطين – من كثرة الألم الذي أفقدنا الإحساس – فأنا ادعوك لقراءة هذه الرواية التى توقظ الألم و الأمل معاً في قلبك من جديد !

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق