يوما ما كنت إسلاميًا > مراجعات كتاب يوما ما كنت إسلاميًا > مراجعة أحمد المغازي

يوما ما كنت إسلاميًا - أحمد أبو خليل
أبلغوني عند توفره

يوما ما كنت إسلاميًا

تأليف (تأليف) 3.9
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

كتاب مهم و يستحق القراءة بالتأكيد، تنبع أهميته كون كاتبه يستعرض فيه سيرته "كإسلامى" من الطفولة للمراهقة للشباب، فى الحقبة الزمنية الممتدة من أوائل التسعينات حتى قيام ثورة يناير 2011، ميزة الكتاب هنا هى عيبه فى نفس الوقت، وهى أن الكاتب لا زال "إسلاميا" حتى الآن، فكانت ميزة فى أنه لم يلجأ لتشويه هذا التيار كما هو موجود فى بعض كتب المراجعات الرائجة حاليا، و كانت عيبا فى أنه لم يحاول القيام بمراجعة حقيقية لأفكار التيار الإسلامى و ممارساته، و تجنب ذكر الأخطاء و النقائص من باب أن "عين الرضا عن كل عيب كليلة"، من أجل الدقة سأقوم بتفصيل نقاط الإتفاف و الإختلاف كما يلى:

نقاط الإتفاق:

- أعجبنى إلتزام الكاتب الدينى المبكر، و وعيه و إهتمامه بقضايا الأمة الكبيرة بما يتجاوز سنه الصغير.

- أعجبنى بيانه لبعد المجتمع عن الدين و إستصغار الكبائر، و هو ما إستشعره كطفل بفطرته البكر، و نجح فى توصيله للقارىء.

- أعجبنى إستعراضه لمختلف التيارات الإسلامية الفاعلة فى الساحة، كونه مستقلا فلم ينتم لتنظيم بعينه، و إنما مر عليهم جميعا خلال رحلته من الإخوان للسلفيين للتبليغ و الدعوة لحزب العمل، بما فى ذلك من الكثير من التفاصيل المهمة لبيان الفروق بين هذه الفرق.

- أعجبنى سرده لتفاصيل الحياة الإجتماعية للإسلاميين، من الأناشيد للأفراح للمعسكرات الصيفية.

- أعجبنى موقفه من قضية فلسطين و محوريتها بالنسبة لتفكيره.

نقاط الإختلاف:

- عندى مشكلة مع المسمى نفسه، فهو يرسخ فكرة تقسيم المجتمع إلى فسطاطين، فسطاط الإسلاميين و من سواهم فهو على ضلال أيا كان فهمه أو عمله.

- نفور الكاتب الشديد من فكرة الإنتماء للوطن، حيث يرى أن الدولة تحولت إلى إله يعبد من دون الله، و العلم هو صنمها الذى يعبر عنها، و النشيد القومى هو التراتيل التى تتلى فى معبدها، و هو ما عبر عنه بصيغة أوضح فى تعليق له على صفحته على Facebook " أنا عمرى ما كنت مصريا ولا هكون، أنا مسلم من مصر، مش أكتر، لكنى أن أنتسب إلى دولة قومية حديثة ، الحمد لله الذى عافانى ! "، و أنا قد أتفق معه فى رفض الشوفينية و التعصب فى الوطنية، ولكن رفضها بالكامل بهذا الشكل لا أستوعبه، و خاصة ممن كان والده ضابطا فى جيش هذا البلد، و يزول جزء من العحب حين يذكر الكاتب أن والده كان منتميا لجماعة الإخوان المسلمين فى أسرة كلها من ضباط الجيش، ثم تركوا الجماعة لاحقا لأسباب "إجرائية" على حد قول الكاتب، و لأن "الجماعة تسعى لمصلحتها قبل أن تسعى لمصلحة الدين و الأمة" على حد قول والده نفسه.

لدى أكثر من مشكلة فى هذا الطرح من جانب الإسلاميين، فمثلا طالما أن الأوطان بدعة و الحدود تراب، فما مشكلتكم مع إحتلال فلسطين إذن؟ أهى المقدسات الإسلامية فيها فقط، أم لأنها محتلة من جانب اليهود تحديدا؟ فليعش المسلمين الذين كانوا "مقيمين" فى فلسطين فى أى مكان يرفع فيه الأذان، و يتم تعويضهم عن ممتلكاتهم المنهوبة و ننهى هذا الصراع إذن!

ثم ما الطرح العصرى البديل القابل للتنفيذ على أرض الواقع الآن؟ أن تكون دولة واحدة لكل المسلمين فى العالم بحاكم واحد و حكومة واحدة و يتم إقتسام الموارد بينهم بالتساوى؟ على مافى هذا الطرح من رومانسية إلا أنه يواجه بعض العقبات "البسيطة" مثل كيف يتم إقناع البلاد الإسلامية الغنية بإقتسام ثرواتها مع البلاد الفقيرة؟ ماذا عن مشكلة عدم ترابط و إتصال الحدود الجغرافية و إختلاف اللغات - بخلاف الدول العربية بالطبع- و إختلاف الثقافات بين هذه الدول؟ ماذا عن غير المسلمين "المقيمين" فى هذه الدول، هل يتم معاملتهم كأهل ذمة و يدفعون الجزية؟ و ماذا عن ملايين المسلمين الذين يعيشون كأقلية فى بلاد غير مسلمة كروسيا والصين والهند و فرنسا و ألمانيا و أمريكا، كيف سيتم ضمهم إلى هذه الدولة الوليدة، هل سنغزوا هذه البلاد لضمها إلى دولتنا، أما يهاجرون هم إلينا طواعية؟!

العشرات من الأسئلة بلا إجابة منطقية، و هذه مشكلة الإسلاميين الرئيسية فى نظرى، فهم ككل أصحاب الشعارات البراقة، يطرحون مبادىء مثالية، و لكنها بلا آلية للتطبيق لأنها منفصلة عن الواقع المعاصر.

لا أريد أن يفهم مما سبق أننى ضد الوحدة أو مع الإنعزال القطرى، لكننى أحلم بوحدة بين الدول العربية على نمط الإتحاد الأوروبى، و بين الدول الإسلامية على غرار حلف الناتو مثلا، إتحاد يقوم على أساس التكامل و المصلحة المشتركة بين دول عصرية قائمة على المواطنة، إتحاد عملى قابل للتطبيق و البقاء.

- إستعرض الكاتب الحالة و التيارات الإسلامية من بداية التسعينات حتى اليوم، من دون أن يتعرض لدعاة التكفير و العنف وإستحلال دماء المسلمين و غيرهم بأى ذكر، عدا فصل يتيم من بضع صفحات سماه "الإرهابى" سخرية من المسمى و دفاعا عن المعنى النبيل المستتر خلفه فقط ! فلا ذكر لعمليات إرهابية و لا فكر متطرف، حتى بدا كأن الأمن يلاحقهم من فراغ لمجرد كراهية النظام للإسلام و المسلمين ! و لست هنا مبررا لتجاوزات الأمن ضد بعضهم من إعتقال تعسفى أو تعذيب أو أحكام جائرة، و لكن لا يمكن تصوير جميع التيارات الإسلامية بهذا الشكل الملائكى و غض الطرف عن الجرائم التى إرتكبت بإسم الإسلام زورا و كانت السبب الرئيسى فى تشويه صورة الإسلام و المسلمين.

- فى معرض نقده لأخطاء الإسلاميين بعد الثورة، كان المأخذ الوحيد للكاتب عليهم هو تفريطهم فى الدين، من قبيل أن الإخوان لم يطلقوا اللحى، والسلفيين أسسوا أحزابا، و الفعاليات السياسية صارت مختلطة، و الفتيات تخلين عن خمرهن و صرن يلبسن الطرح الملونة، و قل الإعتكاف فى المساجد، و .... هكذا!!

هذه هى أخطاء الإسلاميين من وجهة نظره، أما تدافعهم على السلطة من دون أن يمتلكوا مشروعا حقيقيا متكاملا بخلاف ما أوهموا به الناس، و تقسيمهم للمجتمع بتحويل الخلاف السياسى لخلاف دينى، و نكوصهم بعهودهم مع شركاء النضال و الثورة، فهى ليست أخطاء ولا نستحق الذكر من وجهة نظره!!

- بنتهى الكتاب بإلتحاق الكاتب "بالمجاهدين" فى سوريا، حيث الأجواء -على حد تعبيره- "فردوسية لأقصى درجة رغم الدماء و الخراب" !!

ختاما فرغم كل مآخذى على وجهة نظر الكاتب، إلا أننى لا زلت أراه كتابا مهما و مستحقا للقراءة، من باب أن يفهم بعضنا الآخر، عسى أن نصل لإمكانية التعايش المشترك بيننا فى يوم ما على الأقل!

Facebook Twitter Link .
10 يوافقون
10 تعليقات