الحزام > مراجعات رواية الحزام > مراجعة أمل لذيذ

الحزام - أحمد أبو دهمان
تحميل الكتاب

الحزام

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

رواية (الحزام) للكاتب أحمد أبو دهمان،فيها نسمع صوت كاتبنا كثيراً وكأنه يحكي حكايته بصوت بطل الرواية،هذا البطل الذي يحمل أيضا إسم الكاتب،وعندما عرف عنه في المقدمة كان كمن يعرف عن نفسه وبمسحة سخرية ضاحكة وكذلك فخر لا يخفى إقتحمها وإنتصفها،لا توجد أية هوادة في المقدمة فهي تعلن عن بدء قصة فيها من الحقيقة الكثير،قرر بطلها أن يقولها كما عاشها دون أن يجعل الكلمات تكذب ما حدث معه إذا نمق في الوصف ،وأحينا نشعر بأنه أراد لنا أن ننصت ليس لحكاية قديمة تخصه وحده وإنما حكاية تركت أثرا لا يمحى عليه وعلى قريته ،إنها حكاية فيها خصوصية جذابة كما يدل عليها عنوانها وهو(الحزام) ،ففيها موروث قبلي وتحديدا لأهل الجنوب في شبه الجزيرة العربية في لباس الرجل وهو رمز عزة وإكتمال رجولتهم في ذلك الوقت،وتترامى صفحات الرواية لنعرف بأن هناك حزاماً آخر وله دور محور فيها،وهو قريب بطل القصة الذي تعلق قلبه بحزام قريبه وبالحصول على الحزام ليرتديه مبرهنا على نضجه ،فالعنوان والمقدمة مؤشران على ما سنصغي إليه لاحقا....

فيما يخص موضوع الرواية،فموضوعها هو حكاية طفل جنوبي عاش في قريته التي يعتز بها وبتراثها وبعاداتها وبتقاليدها،وكان يعيش في كنف والديه وكل منهما مر بتجربة الزواج والطلاق،وشرح لنا بأسلوبه العفوي بأن هذا الأمر كان يعد عاديا في مجتمعه حتى أن علاقة القرابة في عائلته قد تبدو متشابكة لدى البعض نظرا لكثرة الزواج والطلاق وتعدد الزوجات ،ولا يعطل صغيرنا نفسه في الوصف وفي سرده لقصته،فهو يروي لنا كيف إرتبط والده بوالدته وتسميته الطريفة لإخوانه وأخواته بسبب كونهم غير أشقاء و للتمييز بينهم،ويخبرنا عن والده ودوره في حياته وكيف أنه كان يهتم به وبإخوته ويكن لوالدته معزة خاصة ،ويحدثنا عن والدته وخوفها عليه وإنقاذها له من الأزمات و عن تدينها و عن حفظها للأهازيج الشعبية و عن شغفها بالإستماع إليه و مناقشته،ويكلمنا عن إلتحاقه بالمدرسة مع إخوته وحرص والده على أن يوفر له البدلة التي طلبها بالرغم من صعوبة المعيشة آنذاك،ويصف لنا وجهة نظر قريبه حزام في محاولات الحداثة بالرغم من تشبثه بأن يكمل إبنه تعليمه،إنه حزام المعارض دوما للتغريب والمتمسك بالقيم والمبادئ التي تربى عليها والساعي لإنتقاد أي ملامح تغيير تكاد أن تقع في القرية،ويعارضها بضراوة في حالة وقوعها،فهو معادي لمدير المدرسة مع إنه ينتمي للقرية نفسها لإنه أنشأ المدرسة ولأنه أراد أن يعلم بناته فيها مع أولاد القرية،وحزام لايقبل هذه الأفكار الغريبة عليه لدرجة أنه يظهر كمن هو في خصام مع حقوق المرأة،وبطل قصتنا تتنقل أحاديثه البوحية بين أمه بحنانها وصبرها و تفهمها و بين حزام بحكمته العجيبة وتهكمه المستمر،وبعد ذلك راح طفلنا يبوح لنا أيضا فهو روى لنا عن تفوقه الدراسي المستمر و عن فخر والده بذلك ، وعن حبه الأول(قوس قزح) الذي أسر به لأمه،وحتى هذه اللحظات يبدو لنا الوصف مفعما بالطيبة و البساطة...

بعد المرحلة الأولى سننصت لإعترافات مهجة طفل لم يعرف الصابون وإشتهى أن يفوزبمسابقة المدرسة للنظافة،وأوضح لنا جهوده وكيف أنه لم يتمكن من الفوز،هو أيضا أخذنا في جولة مختلفة،فنحن عرفناه طفلا صغيرا ولكنه كا يترقب حدثا مهما في حياته ،وهذا الحدث الذي كانت تحتفي به قريته وبالطبع أهله كان ختانه،فكان هناك عمر معين للختان في قريته وطقوس محددة أدرجها لنا كاملة بما فيها من تعابير فرح وأيضا تعابير ألم،هو الآن صار يرتدي الحزام وقريبا سيتغير تعامل نساء وفتيات قريته معه،ومع كل ذلك ظل هائما بحبيبته قوس قزح،هو بكى ألم الختان و إن تاقت روحه للتحرر والنضج،وكعادة والده الداعم له دوما قام بإرساله للمدينة مع مجموعة من أبناء القرية ومن ضمنهم إبن حزام ليكمل تعليمه،ومروا أثناء مرحلة الحصول على وثيقة الميلاد التي لم يكن يملكها الأبناء بمواقف فيها مفارقات وحسرات و فرحات،وفي المدينة تعرض الأبناء لإختبارات في الحياة بالإضافة إلى الإختبارات التي خضعوا لها في التعليم،وعانوا من شح المال وحاولوا ألا يطلبوه من أحد،وعندما فعلوا قاموا بالأمر بطريقتهم التي فيها ذرات وفيرة من طفولة عاشوها في القرية،هم ناضلوا كلاً بطريقته،وفي تلك التجربة أيضا ذاق الأبناء طعم الأرز وأطياب أخرى لم يعرفوها وفي البداية إستغربوها،وسمعوا أيضا عن إبن قريتهم الذي تم إبتعاثه للدراسة فعاد لهم بقالب غربي أثار حنق حزام،وفي أوج الضائقة المالية أصابت أزمة صحية كبيرة والد بطلنا وأمه عانت كثيرا ووصل بها الحال لعزف ألحان كلامية حزينة كنوح الحمام،وهذا الحزن صدم بطلنا ،فهو لم يعهده من أمه ،فهي لطالما كانت صاحبة الكلمات الباسمة،وهنا بكى مرة أخرى ،فوالده صحته وفقدت أمه ولعها بالحياة و وهو بدوره فقد محبوبته قوس قزح،وهو كعادته رمى بأحزانه فوق كتف حزام و طلب منه المعونة المادية التي أمده بها بصعوبة جمة،وعاد بعض الفرح لبيت البطل مع مرور الأيام ليصبح مغتربا في فرنسا يعرض ألم قدميه على طبيب لم يعرف قرية البطل ولا طرقها ولا حكاياتها!

وفي مكالمة هامة أخبر بطلنا حزام الذي إرتخى جسده على سرير في المستشفى بأنه خط كتابا باللغة الفرنسية عن حكاياتهم ولكن حزام فارق الحياة ولم يقرأ الكتاب وأوكل مهمة القراءة لأحفاده وأوصى بخنجره وحزامه لبطلنا،فالبطل أراد أن يوصل في كتابه لهجته و صوت قريته و لحظات دهشته و بساطة حياة إفتقدها و مساحات أراضي لعب فيها وهو حافي القدمين،و أول مرة إلتقى فيها بقوس قزح ،و درجاته المرتفعة في المدرسة،واالحزام الي كان بحوزة والده وأيضا خنجره الذي إعتز بها كثيرا،ونظرة أهل قريته للمرأة،وأشعار أمه،وإحتفاء والد بالرقص،و وجع الختان الذي أحس به،ومعرفته بقيمة الأسرار ومصدرها!

رواية(الحزام) للكاتب أحمد أبو دهمان،فيها طفل يلهث و لا تأخذ كلماته أنفاسها ،وهي لا تتنكر و لا تنكر ما عرفته وما مرت به!

Facebook Twitter Link .
4 يوافقون
اضف تعليق