حيونة الإنسان > مراجعات كتاب حيونة الإنسان > مراجعة أمل لذيذ

حيونة الإنسان - ممدوح عدوان
تحميل الكتاب

حيونة الإنسان

تأليف (تأليف) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

أحيانا نمر أشخاص و نحس بأن آدميتهم آخذه في الإنعدام أو أن إنسايتهم صارت تذوي ،ونستغرب ذلك و نستهجنه كثيرا،ومنا من يزيد في وصفه لإن الألم يعتصر فيه من ظلم سببوه له،فالعنف الذي يصل إلى الهمجية في اللفظ و القول من الأمور التي تأنفها النفس البشرية ،وإن كام ما يثير الدهشة هو تواجد هذا العنف على سطح الحياة وبقوة في فترة زمنية تنعت غالبا بالمدنية و يتشدق فيها بالتحضر و التطور،فهل هذا التطور هو مجرد تكنولوجي وتقني أي ما يقرب أن يكون خارجي؟!وماذا عن خبايا نفوس البشر؟مالذي يدفع الظالمين للجور و أذية الآخرين؟وهل لدى الظالمين حدود؟هل بالإمكان أن يتجنب المرء أن يكون ضحية للظلم؟هل يحدث أن تساعد الضحية ظالمها على أذيتها دون أن تدري أو بغير درايتها أو هي تكون رافضة دوما؟ما هي نفسية الجائر ؟وما هي نفسية من تعرض للجور؟

كتاب(حيونة الإنسان) للأديب ممدوح عدوان،يتمحور حول التأملات و التساؤلات المذكورة أعلاه،والكاتب نفسه وضح للقراء العلة من وراء إختياره لهذا العنوان الصارخ،فهو أولا يبين بأنه لو وضع (تحوين الإنسان) كعنوان كان سيكون إسما اصح لغويا،ولكنه أراد ان الإمتزاج مع الشعوب في إيصال غايته لها،فخط قلمه هذا العنوان القوي في هيجانه وثورته،ومن هذا الإختيار قد يشعر البعض بأن طابع الكتاب سيكون إلى حد ما ساخرا،ولكن اللغة التي إنتقاها أديبنا جاءت ضاجة بتسمية الأمور بأسمائها مع الجرأة الكبيرة التي صاحبت ذلك،وكانت هناك لحظات سخرية مرت ببعض الحروف في الكتاب،وبعض القراء ربما يجد بأن المفردات غير متوقعة لشدة التهيج فيها ولكن يبدو أن الكاتب أوردها لتنطق بمعانيها عن واقع من عاشوها وما زالوا يعيشونها...

نلحظ أيضا بأن الأديب وتحديدا المسرحي إنتصر على الباحث في الكتاب،وإن كنا لا نستطيع إغفال تعاونهما الغني معا،فالأسلوب الذي إتبعه كاتبنا كان أسلوب المسرحة في السرد،هو في صفحات بداية الكتاب أعلن بإنه بالرغم من إستعانته بالمراجع و الأبحاث إلا إنه لم يعد نفسه باحثا،هو رأى نفسه كرجل أدب أكثر منه باحثا،هو قال ذلك مع إنه أدرج في كتابه ما تعدى الإقتباسات من الأعمال الأدبية ولكنها ظلت السيدة الأولى في إقتباساته وأيضا شروحه،فنراه مثلا يمسك بكتاب الكواكبي حول الإستبداد بيد و هو كتاب معرفي و تحليل حول الظلم،ويمسك برواية(1984) لجورج أورويل بيد أخرى و هي مناهضة للجور،فأثرى كاتبنا فصول كتابه بهذه الأمثلة و الأمثلة الأخرى التي أتت على شاكلتها،أما التأثير المسرحي الأكثر حضورا في الكتاب فهو التصعيد،فالكاتب كان يعرض كيف يتنصل الظالمون من إنسانيتهم بما يشبه تصاعد الأحداث على خشبة المسرح، فكان يرفع مستوى وصف الجور و تبعاته و خبايا نفسية من قاموا بالظلم من ساعدوهم و من تعرضوا له و من عارضوه ، وأيضا لجأ لحيلة الصدمة ،فكان يهدأ في التصعيد قليلا و من ثم يرفعه فجأة فتتضاعف المشاعر المتضاربة و أيضا المتوافقة في نفوسنا حول التجرد من الإنسانية ،وبالطبع قام الكاتب أيضا وبمنتهى الجدية بتعريف ما أسماه ب"حيونة الإنسان" وما يترتب عليها من تأثيرات حياتية ،وهذه الجدية أثقلت الكتاب بمستوى عال من النضج ...

هناك فصل خصصه الكاتب للتحدث عن المآسي التي تتعرض لها المرأة،فما أقسى أن تنظر العيون الناقصة لها بأنها ليست سوى جسد،فالتعذيب والعذاب و التجريج من الأمور التي تمر بها الكثير من النساء،والمحزن أن المجتمع يدعي بحمياتها وهو لا يقوم بخطوات صارمة لردع من يعتدون على حقوقها،وهناك عقليات تروج لإخماد صوت المرأة التي يمسها الظلم ،وأحيانا لا تكتفي بذلك فتلوم المرأة على مصابها وتوجه أصابع الإتهام لها مع إنها الضحية ،والكاتب تعامل مع هذه العقليات بحزم كبير ولم يقم بإخفاء ما يكنه من مساندة للمرأة،وسطر بقلمه ما ذكرته الدراسات وأيضا النصوص الأدبية،وهذا موقف يحسب للكاتب و تثمن جهوده في محاولة إنصاف المرأة...

كتاب(حيونة الإنسان) للأديب ممدوح عدوان،يدفعني للتفكير فيما يفعله بعض البشر بأنفسهم من تشويه للمعاني الإنسانية ،وقد تناسوا بأن الله كرم الإنسان ...

Facebook Twitter Link .
4 يوافقون
اضف تعليق