مأساة الحلاج > مراجعات كتاب مأساة الحلاج > مراجعة هدى يحيى

مأساة الحلاج - صلاح عبد الصبور
أبلغوني عند توفره

مأساة الحلاج

تأليف (تأليف) 4
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

و من ذا الذي لا يفتنه صلاح عبد الصبور؟!

قليلون هم الشعراء الذين يستطيعون التغلغل إلى ‏أعماقك

بأفكارهم ،، وألمهم ،، وموهبتهم المشعة

هذا الرجل ألقه شديد

حتى أنك تود لو تغمض عينيك ‏قليلاً

من شدة الوهج الذي تغمرك به أبياته

كانت قراءتي الأولى له على ما أذكر هي يرما ‏لوركا

والتي ترجمها بعذوبة أدهشتني وأطربتني بلا ‏حدود

وهنا

عندما يندمج صلاح عبد الصبور في روح روح ‏الحلاج

فيسبغ عليه من أفكاره وأوجاعه الخاصة‏

حتى لكأنك ترى صلاح بذاته يبكي ذاته أمام الخلائق ‏في بغداد

مقتولاً بالكلمات

ليتركونه بلا رحمة يناجي حيرته بحيرة

وعشقه بعشق

ووجعه بوجع

في ابداعاته الشعرية عموماً ينضح صلاح معاناة وغربة

رائحة شعره قلق وتوتر وانعزال

وشعور طاغ بالاضطهاد والقهر

************************

يقول يوسف زيدان في مقاله التحليلي الرائع

صلاح عبد الصبور الذى وجد فى الحلاج شاعراً ، شاعراً بمشاعره ، وقادراً

بحكم انطوائه الزمنى -قبل قرون- على التعبیر عما انطوى فى نفس صلاح عبد

الصبور (الرجل) فأنطقه صلاح عبد الصبور (الشاعر) لما رآه صالحاً من

الحلاج للتعبیر عنه

ولأن صلاح عبد الصبور ، فى زمنه الذى أُردیت فیه الحریات (الخاصة

والعامة) یتوق لإشراق الخلاص ، ولو بتثویر العقیدة .. نراه یُنطق (حلاجه) بما

نصُّه

~**~

أنوى أن أنزل للناس

وأحدِّثهم عن رغبة ربى

الله قوىٌّ یا أبناء الله

الله فعولٌ یا أبناء الله

كونوا مثله

~**~

*********

يبدأ صلاح عبد الصبور من النهاية

فنرى جمعاً من الناس

يتفرجون على الحلاج ‏مصلوباً على شجرة

يهمهمون فيما بينهم

في حزن وشماتة و ذعرٍ ومسكنة

يحكي منهم من يحكي عن خيانته

حيث تمّ تأجير بعضهم للشهادة الزور على الحلاج وإشعال المحاكمة

~~*~~

صَفُّونا .. صفّاً .. صفّاً

الأجهرُ صوتاً والأطول

وضعوه في الصَّفِّ الأول

ذو الصوت الخافت والمتوانى

وضعوه في الصف الثاني

أعطوا كُلاً منا دیناراً من ذهب قاني

برَّاقا لم تلمسه كفٌ من قبل

قالوا : صیحوا .. زندیقٌ كافر

صحنا : زندیقٌ .. كافر

قالوا : صیحوا ، فلیُقتل أنَّا نحمل دمه في رقبتنا

فلیُقتل أنا نحمل دمه في رقبتنا

قالوا : امضو فمضینا

الأجهرُ صوتاً والأطول

یمضى في الصَّفِّ الأول

ذو الصوت الخافت والمتوانى

یمضى في الصَّفِّ الثانى

~~*~~

كعادة الملقبين بالأفاضل والعقلاء‏

وهم غالباً كائنات آلية لا تفقه إلا الكلمات الجامدة

وتراها بلا عقل ولا روح

تردد العبارات العتيقة بلا فهم

وبلا قدرة على تفهم الحب ‏

نصبوا من أنفسهم حامية للإله

أو للحاكم

أو للمعنى الجامد

وفي كل عصر

تراهم يتشدقون بغباء تحسبه قداسة

و جبن تحسبه علم

وخسّة تحسبها تفقّه

رمى الحلاج بالكفر كثيرون

وعلى رأسهم‏ محمد بن داود قاضي بغداد

‏فطلب محاكمته أمام العامة والفقهاء

تم اتهام الحلاج بالسحر والشعوذة و اتّباع ‏الشيطان

فكان من حوله غير قادرين على فهم تناغمه مع ‏كل طائفة ومذهب

ويحسبونه تلون ومكر

غير قادرين على تفهم نظرته الفلسفية التى ترى ‏ما وراء الوراء

والتي تناجي جوهر الإنسان وباطنه لا ظاهره

فالفناء في الذات الإلهية

والتجليات العشقية التي يغمرنا في أنوارها الحلاج

كانت للأسف تؤذي أسماع من لا مشاعر لهم

و تترك أنفاسهم القحلة ملتهبة بالغيظ الأحمق

*******

يقول جلال الدين الرومي

"لقد بلغ الحلاّج قمّة الكمال والبطولة كالنسر في طرفة عين"

ويقارن المستشرق لويس ماسينيون

بين الحلاج ويسوع المسيح

ويرى أن اقوالهما قريبة من بعضها فيما يتعلق بالألم والفداء والحياة والحبّ الإلهي

و سمّاه جان شوفالييه مسيح الإسلام

وأطلق روجيه أرنالديز على دعوته تسمية دين الصليب

فمثلا ترى كلاهما على الصليب يصيحون بعبارات متشابهة

فيقول

قد اجتمعوا لقتلي تعصّبًا لدينك، وتقرّبًا إليك، فاغفر لهم

فإنّك لو كشفتَ لهم ما كشفتَ لي لَما فعلوا ما فعلوا

ويقول يسوع

يا أبت اغفر لهم، لأنّهم لا يعلمون ما يفعلون

و كما هي عادة الفجّار مع الأطهار

يتم موت الحلاج بصورة بطيئة مؤلمة لا داعي ‏لذكر تفاصيلها

ويبقى هو نسمة عبيرها باقٍ إلى الآن

وإلى الأبد

******

أَنَا مَن أهْوَى، ومَنْ أَهْوَى أنَا

نحنُ رُوحَانِ حَلَلْنَا بَدَنَا

نحْن، مُذْ كنَّا عَلَى عَهْدِ الهَوَى

تُضرَبُ الأمْثَال للنَّاسِ بِنَا‏

فإذا أبصَرْتَني أبصَرتَهُ

وإذا أبصَرْتَهُ أبصَرْتَنا

أيها السَّائلُ عَنْ قِصَّتِنَا

لو تَرانَا لم تُفرِّقْ بيْنَنا

رُوحُهُ رُوحِي ورُوحي رُوحهُ

مَنْ رأى رُوحْين حلَّتْ بَدنَا ؟!‏

~

Facebook Twitter Link .
2 يوافقون
اضف تعليق