شريعة حمورابي > مراجعات كتاب شريعة حمورابي > مراجعة أمل لذيذ

شريعة حمورابي - محمود الأمين
أبلغوني عند توفره

شريعة حمورابي

تأليف (تأليف) 3.2
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

كتاب(شريعة حمورابي) من ترجمة محمود الأمين،في محتواه ما هو أشبه بدستور مصغر ،أو قوانين أحوال شخصية مجزأة ،أو تنظيمات للعقوبات معلنة ، فالمواد الموجودة في الكتاب تجمع بشكل كبير بين كل هذه الأمور، و لعلها كانت طبيعة الحياة آنذأك في الحضارات القديمة لبلاد الرافدين ،بأن تكون شمولية،و هذه الشمولية فيها غنى و فيها كذلك إثارة للجدل ،خاصة إذا ما قارنا النصوص القانونية المذكورة في الكتاب بما يحدث الآن في التشريعات الحالية !

و مقدمة الكتاب كتبت بقلم الأب سهيل قاشا، و هنا يظهر لنا ملمح ديني و قومي ،فبين لنا الأب أهمية الشرائع في الحضارات الإنسانية المتعاقبة، و دورها الجليل في حياة الأفراد و الجماعات ،و صور لنا الخاصية المميزة لتشريعات الحضارات المتواترة على بلاد الرافدين ،فهي تشريعات خضعت للتمحيص و التدقيق على مدار تتابع تلك الحضارات ، و من ضمن الملوك الذين أدوا مهمة مراجعة فحوى القوانين و لمع إسمه كان الملك حمورابي ،و هو المعروف كملك إصلاحي و برغبته في نهضة شعبه ، فكان له أدوار متنوعة في تنظيم مؤسسات الدولة آنذاك الدفاعية و الإقتصادية و القضائية و التنفيذية، و بالطبع التشريعية التي ساهم فيها كثيرا حتى أن قوانينها إقترنت بإسمه،هذه القوانين التي كانت بابلية في لغتها و مسمارية في خطها،في مقدمتها شرح حمورابي لشعبه ماهية العدل و تلبست كلماته لباسا دينيا، و قد شدد في حديثه على دور الحكام في إعمال العدل و تطبيقه ...

القوانين وضعت بطريقة منظمة للغاية فتم تصنيفها وفق أقسام تسهل عملية مطالعتها و فهمها ،و منها قسم القضاء و الشهود ، و قسم السرقة و النهب، و قسم شؤون الجيش،و قسم الحقل و البساتين و البيت،و قسم مخازن البيع،و قسم ساقية الخمر،و قسم البيع،و قسم العائلة،و قسم عقوبات التعويض،و قسم الأسعار،و قسم أجور الحيوانات و الأشخاص،و قسم الرقيق و حقوقهم و واجباتهم، و الجدير بالذكر أن بعض المواد القانونية تآكلتها عوامل الزمن فإنطمست أحرفها،و مع ذلك فإن معظم القوانين هي قابلة للقراءة، و إن كان بعضها يحتمل أكثر من تفسير و خضع لأكثر من ترجمة بحكم قدم اللغة التي كتبت بها القوانين و إندثارها ..

بعض النصوص القانونية لحمورابي إستوقفتني و منها "إذا اتهم سيد سيدا و أقام عليه دعوى بالقتل و لكنه لم يستطع إثباتها فأن المتهم يعدم" ،فهذا النص يعطي إنطباعا بأن العدالة ستطبق لأبعد الحدود، و لكن هل التطرف في العدالة عدل و لو وصلت العقوبة للإعدام ! و هناك نص يقول :"إذا سيدا ساعد إما رقيقا للدولة أو أمة تعود للدولة أو رقيقا لمواطن عادي أو أمة لمواطن عادي على الهروب من باب المدينة فإنه يعدم"و النص الذي يأتي بعده مباشرة "إذا سيد آوى في بيته إما رقيقا هاربا أو أمة تعود إلى الدولة أو إلى مواطن عادي و لم يقدمه إلى مخفر الشرطة فإن صاحب البيت هذا يعدم" و هذه القوانين العتيقة تناقش قضية منتشرة للغاية، و هي التستر على الهاربين من السلطات ،و هي قضية تتخذ سمة محلية أحيانا و سمة دولية أحيانا أخرى ،و تسبب أزمات أمنية، و حل حمورابي لها كان مجددا الإعدام ،و يأتي نص يبين الجانب الأخلاقي و تحديدا قيمة الأمانة و هو "إذا النار شبت في دار سيد و ذهب لأطفائها فحط عينه على أموال صاحب البيت فأن هذا الرجل يلقى في النار هذه"، و كأن حمورابي كان يريد أن يشتعل السارق الخائن بنيران طمعه ، و غيرها من النصوص القانونية التي فيها غرابة طرح و جسارة حكم !

أما بالنسبة للتبويبات ،فمن أبرز القوانين المتسلسلة عند حمورابي كما أرى ،هي قوانينه حول العمالة و المرأة ،فبخصوص العمال سواء كانوا أحرارا أو رقيق في ذلك الزمان، فإن حمورابي إنتهج في صياغته أو لجمعه للنصوص القانوية نهجا تفصيليلا ، و الهدف من ذلك التفصيل هو تسليم تلك الفئة المستضعفة حقوقها ،و تحديدا من الطبقة التي تعلوها في المجتمع آنذاك، و كأن حمورابي يقول لنا بأن لا أحد فوق القانون،فإهتم بأجورهم ،و بقضاياهم ،و ذكر مواقف تحدث لهم غالبا ،و ما هي وجهة نظر القانون فيها ،فهو لم يستهن بتلك الفئة و لم ينكر وجودها و يبدو بأنه حاول عدم إخفاء حقوقها ، و نحن الآن نعيش في عصر لا زالت فيه قوانين العمل ساكنة في الأوراق و تفعيلها الشحيح لم يشف غليل تلك الفئة ،و بالنسبة للمرأة،فحمورابي إعتنى بمواضيعها ،و ركز كثيرا على منحها كرامتها إذا تمعنا بين السطور،فالأمور القانونية المتعلقة بالمرأة تتصف بإنها شائكة و حساسة و معقدة أغلب الأحيان،لإنها لا تخص المرأة فقط بل تمتد لعائلتها و مجتمعها ،يعني الشعب، فالمظالم التي تقع على المرأة تكون معظمها من أقرب الناس لها ، و هذا الشأن له خصوصية شديدة، و الغريب في الأمر أن حمورابي قد تيقظ لهذا الجانب بالإضافة إلى ثقافة المجتمع حول المرأة، فأطلق في أطروحاته القانونية نصوصا لحمايتها و لصيانتها ، و تفنن في سد الثغرات التي تكون عادة في القوانين ،فهذه الثغرات إذا إلتقطتها الأيدي الخاطئة كفيلة بتحويل الظلم التي تتعرض له المرأة إلى ظلم مضاعف أكثر و جائر أكثر،فالقوانين الآن و تحديدا قوانين الأحوال الشخصية في تنفيذها أحيانا فيها تسويف ،و ربما مماطلة تضر بقضايا المرأة كثيرا ، و هذا الضرر عند حصوله، هو لا يصيبها وحدها بل يمتد لمحيطها !

كتاب(شريعة حمورابي) من ترجمة محمود الأمين،يغمز لي بتساؤل حول عدد الأشخاص الذين سيتم إعدامهم إن طبقت تلك الشرائع في عصرنا الحالي !

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق