كتاب (شارع الأميرات –فصول من سيرة ذاتية) للأديب و الرسام جبرا إبراهيم جبرا ، و فيه يتطرق لبداياته في مجالي الأدب و الرسم ، و يعرض لنا نماذج من أعماله ، و يبوح لنا بأسماء صار لها ثقلها الأدبي و الفني ، فمنهم من جمعته بهم الزمالة و منهم من كانوا أساتذته و منهم من كانوا تلامذته ، فمثلا كاتب مقدمة الكتاب هو عبدالرحمن منيف و تمر بنا أسماء مثل بدر شاكر السياب و بلند الحيدري و غيرها ، و نختلس نظرات لمشاهدة بعض المناورات و المناوشات الأدبية حول الإتجاهات المستحدثة في ذلك الوقت ، فنعرف أن جدلية التقليد من عدمه كانت مطروحة آنذاك ، و هو يأخذنا معه في رحلاته التي توزعت بين الشرق و الغرب ، هي رحلات مكانية و أيضا روحانية و حضارية ، فكاتبنا كانت روحه منفتحة و متقبلة للأمكنة التي زارتها ،روحه كانت ترغب في التعرف على عوالم مغايرة مع الإحتفاظ بجذورها الأصيلة
و ننتقل للجانب المذهب في الكتاب حيث
يضم حكاية رومانسية و واقعية في الوقت نفسه عن "جبرا " و "لميعة"، جبرا القادم من أرض فلسطين الحبيبة ليلتقي بلميعة في أرض العراق الجميلة ،و كما الحكايا المنتشرة عن التلاقي الأول بين الأحبة يرسم لنا جبرا رؤيته للميعة رسما و حرفا ، و أيضا كما نجد في الحكايا التي تربينا عليها هناك موانع لزواج بطلي الحكاية ، و من هنا يصبح جبرا الذي صار من إمراء الفنون و الأدب إلى إضافة لقب أمير قلب لميعة ، فشارع الأميرات الذي سكنه بات يشمل مع أميراته صاحبات المكانة التاريخية في نفسه أميرة لها مكانة قلبية و هي لميعة ، كان هنالك شد و جذب بينهما نظرا للسدود الخارجية التي تحول بين جمع شملهما و الأنفاق الداخلية و ما فيها من قتامة المجهول الذي يترقبهما ، و حكايتهما إستدعت تعاطف من عرفوهم فبنوا جسورا ليقربوا المسافات بينهما ، أحيانا عملية البناء شابها التعثر ، و أحيانا نلحظ بعض الثغور في البناء ، و لكن المساعي للتلاقي ظلت مستمرة ليكونا من لابسي خواتم الزواج ، و أثناء تلك المساعي كانت وتيرة التحديثات الأدبية متضاعفة في كل من بطلي الحكاية و كأن شيئا من هذه التحديثات ستطرأ على علاقتهما ،هذه العلاقة التي سحرت المحيطين بهم لتناغمها مع العادات و التقاليد مع التحديثات التي فيها ، أما النهاية و إن كانت قد ذكرت تلميحات تدل عليها أو حتى معروفة مسبقا لمن يدرون بالسيرة الذاتية لجبرا و لكن عبرات جبرا و هو يحادثنا فيها تشويق و بشاشة قلب أخذ قلمه منه ! على كل حال فالحكاية قد توجت بتاج وضعها في عمل أدبي لتتم روايتها لسنوات و سنوات !
كتاب (شارع الأميرات) فيه هيام وسلام من أرض مريم و عيسى لمدينة السلام .