خرجت غانما الحياة باجمعها من جديد, انشق الهواء البارد, ما أطيبه! ما ألذه! خرجت طفلا تجاه الحياة, اتعكز جسديا, الملم أوصالي بعضها الى بعض, و اما ذهنيا, و اما نفسيا,فأركض في فيافي الأرض كالفهود,كالغزلان. غير أني جوبهت بمسائل, كان علي لكي أفهمها أن اتعلم الألف باء من جديد.وأية ألف باء كانت تلك, اشق من المسمارية و الهيروغليفية, حين رأيت بلادي التي أرضى من اجلها بعذابات الجحيم’ تسلط تلك العذابات نفسها على كل من تقع عليه أيدي المتنفذين من الخليح الى المحيط سمعت صراخا, و سمعت بكاء, و سمعت أصوات العصي و الخراطيم البلاستيكية, و المخبرون يملأون العواصم و القصبات, يملأون الذرى و السفوح, و رجال بملابس مدينة أنيقة يروحون و يجيئون في سياراتهم كألف مكوك في ألف نول, يسوقون الى مراكز الظلام اناسا بالعشرات , بالمئات, يضيعون بهم في متاهات الأروقة و الزنازين, ليرتفع في الليل و النهار صوت السؤال و الانكار و الاعتراف. صوت المطاط يهوي على عري الجسد, لتتراكم التهم و الأكاذيب في الأضابير, و تمتلئ الأفواه بالدم. كيف استطيع أن اتعلم ذلك, و اقبله جزءا من الحياة؟ كلما سقطت الأمطار ذكرت هموم امتي, ذكرت تخبطاتها و أوجاعها, و امتلأت حزنا و فجيعة.
البحث عن وليد مسعود > مراجعات رواية البحث عن وليد مسعود > مراجعة Boulos Khoury
البحث عن وليد مسعود
تحميل الكتاب