مولانا > مراجعات رواية مولانا > مراجعة Samar Tulba

مولانا - إبراهيم عيسى
تحميل الكتاب

مولانا

تأليف (تأليف) 3.8
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

مجرد رؤية هذه الرواية الطويلة بشكلها شبه المكعب يغريك بالقراءة، فإذا ما اقتنيتها وبدأت القراءة فستكتشف أنه ليس بإمكانك التوقف. الأفكار المطروحة ليست غريبة علي متابعي ومحبي - أو حتي كارهي- إبراهيم عيسي فالمحاور الرئيسية في الرواية هي تحجر الخطاب الديني في مصر في مقابل أهمية تجديده، والعلاقة بين الدين والسياسة، ورجال الدين والسلطة، لكن الجديد هنا هو اكتشافك لإبراهيم عيسي الروائي القادر علي رسم شخصيات واقعية للغاية وبخفة دم ولماحية رائعتين.الرواية تكشف عن موهبة عيسي الروائية وإن كانت الأجزاء الأولي قد تعطي انطباعا بالعكس إذ تحوي قدرًا لا بأس به من المط الذي قد يــُفقــِد القارئ (اللي مش مركز كويس) قدرته علي المتابعة، لكن ما إن تندمج في عالم الرواية بعد أن تتعرف بشكل كاف ٍ علي عالم الشيخ "حاتم الشناوي" حتي تجد وتيرة الأحداث تتسارع إلي حد لا يسمح بالتقاط الأنفاس.

شخصية "حاتم الشناوي" هي الأعجب في عالم الرواية ( ومن المؤسف أن يقرأ المرء أنهم بصدد تحويل الرواية إلي مسلسل يقوم ببطولته .. أحمد عز!!!!!!!!!). الشخصية حية للغاية في كل تفاصيلها فهو العالم المتبحر في الدين الذي يختار أن يتحول إلي تاجر دين يبيع للزبون ما يريد ويسترضي غريزة القطيع المتعطش للدماء وللفضائح في البرامج الدينية الفضائية التي تعج بطلبات الفتيا حول فوائد البنوك وإرضاع الكبير وأذكار الصباح والمساء وعذاب القبر."الشيخ حاتم الشناوي" فهم اللعبة واكتشف أن الناس لا تريد من الدين سوي قشوره المثيرة للاهتمام فاستجاب لطلب الجماهير، خاصة ً أن استجابته تلك تضمن رضا الحاكم والحكومة، رغم أن ذلك القرب من الحاكم لا يعني السعادة والأمن طوال الوقت كما تبين أحداث الرواية المثيرة.الشيخ "حاتم الشناوي" هنا هو مهرج شكسبير الشهير الذي يصاحب الملوك وعلية القوم ويسخر منهم ويكشف نواياهم دون أن يغضبوا منه، لكن الفارق هنا أن ملوك العصر الحديث لا يغضبون من "حاتم" لأنهم ببساطة يعرفون أنه واحد منهم و "منهم وعليهم" فهو شيخ أمن الدولة المستأنس الذي يعرف كيف يعطي للزبون ما يريد وما تريده له حكومته دون مخاطرة بدفع الزبون إلي النظر لما هو أبعد.. وهو يحيا بازدواجية غريبة (أظنها غير واقعية) فهو عالم موسوعي وتصوره عن الدين قائم علي أهمية تجديد الخطاب الديني وهو مستند في ذلك إلي علوم ومعارف وأسانيد لا أظنها متاحة لمن يسمون نفسهم رجال دين في أيامنا هذه، إذ أشك في أن أحدًا منهم قد قرأ ما قرأه "حاتم الشناوي"، ورغم ذلك فهو يختار "الرايجة" كما يقولون ويفضل الطريق الآمن السهل فيصير من ألمع نجوم الفضائيات.

وربما لا تعد الرواية عملا أدبيا من العيار الثقيل لمن اعتاد القراءة لنجيب محفوظ والغيطاني وصنع الله إبراهيم مثلا لكن ما يميزها هو قدرة إبراهيم عيسي علي دفعك للتفكير من خلال حوارات تتميز بخفة الدم بين الشخصيات وتثير قضايا هامة ذات علاقة بمفهومنا للدين علي خلفية تاريخية ثرية لوقائع مثيرة للجدل حدثت أيام الرسول صلي الله عليه وسلم (كحادث الإفك مثلا)، وأخري حدثت بعده وكانت نقطة تحول في تاريخ الدولة الإسلامية (كالفتنة الكبري والتشيع) وكذا المذاهب الفكرية المختلفة (فكر المعتزلة في مقابل الفكر السلفي). الرواية تشعرك بحاجتك إلي إعادة استكشاف التاريخ الإسلامي وذلك من خلال إطار شيق لا يخلو من أحداث قد يراها البعض "حسن إمامية" (نسبة لحسن الإمام!) أكثر من اللازم، لكنها تبقي رواية ترصد واقعًا نعيشه يوميًا يتلخص في تحول الدين إلي بضاعة وسلعة من خلال برامج فضائية لا يجد منتجوها أي غضاضة في تخلل فواصلها بإعلانات للسمنة والبنوك ومصانع الحديد ورنات المحمول والبطاطين والمقويات الجنسية والرقية الشرعية.

Facebook Twitter Link .
5 يوافقون
1 تعليقات