العمى > مراجعات رواية العمى > مراجعة مهند سعد

العمى - جوزيه ساراماجو, علي عبد الأمير صالح
أبلغوني عند توفره

العمى

تأليف (تأليف) (ترجمة) 4.2
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

العمى

المؤلف : جوزيه ساراماغو

المترجم : محمد حبيب

الناشر : دار المدى للثقافة والنشر

تنطلق رواية العمى عبر عنوانها عن عمى يصيب مدينة كاملة بالتدريج حيث يبدأ الأمر بشخص واحد ثم ينتقل كطاعون ينتشر بين الناس ، نبتعد عن مجريات الرواية لأنها تصبّ في فكرة واحدة جاهد (جوزيه سارماجو) في إيضاحها على طول صفحاتها ، يبحث الكاتب ضمن العمى الذي ينتشر بين الناس عن إرجاع الناس إلى أصول تفكيرهم وغرائزهم وطبائعهم الأولى دون تكلّف وتصنّع وتجمّل ، فالسيء يعود لسوئه والطيب تظهر طيبته بتجلّ واضح ، مجموعة من العميان تنتقل إلى مَحْجَر صحّي وتبقى امرأة واحدة مبصرة على طول الرواية ، هي عين الراوي لتسرد لنا ما يدور.

تتضّح جيدا كيف أن الطبيعة البشرية لا بد أن تعود لأصولها عندما يتحول كل العالم من حولك ليعاملك كحيوان منبوذ موبوء فتصبح أنت والحيوان في مستوىً واحد ، وفي الوقت نفسه تظهر واضحة جوانب الخير المتأصلة في مجموعات تأبى أن تعيش في غابة إلا من نواقص الرؤية كالقاذورات والإهمال وعدم النظافة الشخصية ، ثم تنتقل الرواية بعد حريق يشبّ في المحجر الصحي نتيجة نزاع وقتال مع مجموعة من العميان أرادوا الطعام والنساء بطريقة تظهر أن الناس يتساوون في العمى فكأنهم يتساوون في الرؤية " القوي يأكل الضعيف " ويتشكل مجتمع كامل فيه الظالم والمظلوم وفيه كل شيء ما عدا النظر !

في العالم الخارجي لا يختلف الأمر عن الداخل إلا أن الحركة بحريّة فالمحجر الصحي لم يكن أكثر من سجن، ولعله في الرواية أصبح أقرب للمقبرة ، فكل الداخلين يعتبرون في حكم الدولة مفقودين ، أما في الخارج تكثر مشاهد الموت والجثث المتفسخة والقاذورات والحياة الشحيحة ، ثم ينتقل الكاتب في روايته لشيء من الوعظ والحِكَم التي كان من الصعب أن يطرحها في المَحْجَر لأنه كان يبني عالما موبوءًا ضمن عالم أكبر سليم، ولأن العمى كان تدريجيا فالتفكير أيضا لم يصل لمرحلة إطلاق الحِكَم والمواعظ ، عند هذه النقطة تطرح الرواية زبدة أفكارها وحكمتها وتوجهاتها حيث تخبر أن العمى هذا هو إبصار العميان على دواخلهم وإبصار العميان على واقعهم ورؤية للبصيرة لا البصر .

*******

زمن الرواية غير محدد والشخوص ليس لها أسماء ولا المكان ولا أي شيء بالرواية يحمل اسم وإنما يحمل صفات (طبيب ، زوجة طبيب ، محجر صحي ، فتاة ذات نظارة سوداء ...) كل هذه الأمور ساعدت في تركيز القارئ على الفكرة أكثر من المكان والأسماء.

*******

الحوار تكوّن من نقاط وفواصل ساعدت أيضا في عدم انشغال القارئ بالقائل وإنما القول وفحواه و كيف وصلت الشخصيات لنقول مثل هذه الأفكارـ والملاحظ أن الإدراك والفهم لدى اغلب شخصيات الرواية أصبح تدريجيا ، زوجة الأعمى الأول كانت مثالا واضحا على تدرج الفهم ، الفتاة ذات النظارة السوداء كانت مثالا على تدرج الاقتناع , وكثيرون غيرهم .

********

خاتمة الرواية كانت مدروسة بعناية فالكاتب لم يرد أن يصل بالقارئ إلى الكآبة الكليّة لأنه في نهاية الأمر يطرح رؤية مفادها أننا يجب أن نستيقظ على أنفسنا ويجب أن نُصلح من ذواتنا ما دمنا آدميين، ونملك عقولا "عيونا" ، لذلك بدأ البصر يعود تدريجيا كما ذهب تدريجيا، ويبدأ الناس بالتهليل والسعادة على عودتهم لعقولهم، ولعل تشبّث صَبيّة أحبت كهلا في عماها أبقا عليه يوم عاد بصرها إليها وهذا دليل على تفتّح الرواية على فكرة العقل والإدراك .

*******

وجملة القول أن الرواية تستحق أن تقرأ المرة تلو الأخرى والحقيقة أني قرأت رواية اعتقد أنني سأبقى طويلا أتلذذ بمذاق كلماتها في تفكيري

جميل جدا حين تكون الفكرة سيدة المكان

رائع يا أيها البرتغالي

Facebook Twitter Link .
21 يوافقون
14 تعليقات