كانت قد تجاوزت المئة وعشرة أعوام، لا تحسب الأيام، وترى نفسها طفلة في زمن راكد بلا حركة ولأن لمبة بطاح اعتادت وجودها كبركة بيت وسيدة لا تطلب شيئًا؛ بكتها كأنها أمها، وعاملتها بالاهتمام اللائق، بينما اجتاح حسين الرُّز حزن أسود وكثيف دفعة واحدة؛ لأنه أدرك أن آخر ما يربطه بدرية عز الدين قد انقطع تمامًا كان يحب تأمل جدتها بين الحين والآخر، يدقق النظر في تعاريج وجهها الذي صار مثل زهرة ذابلة، وشعرها الأبيض الكتاني، وذقنها المميز، وبسمتها الطيبة، فيتصورها صورة من درية عز الدين عندما تتخطى وديان الشيخوخة، ويراه معها في صورة مثالية: عجوزين محطمين، يجلسان في الشرفة نفسها،
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب