كان عبقريًا في هذا، بلا شكّ. يُتقن فنّ الإصغاء، والقراءة، ليست قراءة الكُتُب، فتلك يُتقنها الجميع، إنما قراءة البشر. ملامح وجوه الناس تتشرّب كلّ الأماكن والأصوات والروائح التي يصادفونها، يحملون أراضيهم وحكاياتهم على أجبنهم… كلّ شيء مكتوب على أجبنهم. كان يقرأ، بعناية فائقة، ويُصنّف، ويُرتّب، ويُنظّم… في كلّ يوم، يضيف قطعة صغيرة إلى تلك الخريطة الواسعة التي كان يرسمها في خياله عن العالم بأسره، من أقصى الشرق، إلى أقصى الغرب، مرورًا بمُدُن مأهولة، وحانات صاخبة، وأنهار طويلة، ومستنقعات، وطائرات، وأسود كاسرة
مشاركة من Khaled Gowaily
، من كتاب