الناجي الأخير > اقتباسات من رواية الناجي الأخير > اقتباس

تقول فرتيليتي إنها تنتبه للأنماط، بل إنها لا يمكنها ألا تنتبه لها أصلًا.

- «إنها تتزايد أكثر فأكثر في أحلامي كل ليلة، كل شيء. كأنك تقرأ كتاب تاريخ عن المستقبَل كلَّ ليلة».

هي تعرف كلَّ شيءٍ إذن.

- «لهذا أعرف أنك بحاجةٍ إلى معجزةٍ تظهر بها في التليفزيون».

ما أحتاجه هو نبوءة جيدة.

تقول وهي تُخرِج دفتر تنظيم يوميًّا كبيرًا من حقيبتها:

- «لهذا أنا هنا. والآن أعطني إطارًا زمنيًّا، يومًا لهذه النبوءة».

أقول لها: في أيِّ وقتٍ خلال الأسبوع بعد القادم.

تقول وهي تقرأ من دفترها:

- «ماذا عن حادث تصادُم لعدَّة سيَّارات؟».

أسألها: كم سيَّارة؟

- «ست عشرة سيَّارة. عشرة موتى وثمانية مصابين».

ألديها شيء أكثر بهرجة؟

- «ماذا عن حريقٍ في أحد ملاهي لاس ڤيجاس؟ فتيات استعراض عاريات بأغطية رأس من الريش المحترق، أشياء من هذا القبيل».

هل من موتى؟

- «كلا. مجرَّد إصابات طفيفة هنا وهناك. كثير من التَّلف بسبب الدخَّان رغم ذلك».

أريد شيئًا أكبر.

- «انفجار في صالون لاكتساب السُّمرة؟».

شيئًا أكثر إبهارًا.

- «حالة سعار بسبب داء الكَلَب في حديقةٍ عامَّة؟».

ممل.

- «تصادُم قطارين في أنفاق المترو؟».

إنك تدفعينني دفعًا إلى النعاس الآن.

- «مُدافِع عن حقوق الحيوانات يُهدِّد بتفجير نفسه في باريس؟».

غيره.

- «انقلاب ناقلة بترول؟».

ومن يبالي بهذا؟

- «إجهاض نجمة سينمائيَّة؟».

عظيم. سيقول جمهوري إنني وحش عندما يتحقَّق هذا.

- «تبًّا! إنه الصيف وليست لدينا خيارات كارثيَّة كثيرة».

أقول لها أن تُواصِل البحث.

- «الأسبوع القادم سيصاب الباندا العملاق الذي تحاول حديقة الحيوان الوطنيَّة تزويجه بمرضٍ تناسلي من الأنثى التي أحضروها له».

مستحيلٌ أن أقول هذا على شاشة التليفزيون.

- «ماذا عن تفشٍّ للسُّل؟».

أتثاءب.

- «قنَّاص يصيد الناس على الطريق السريع؟».

أتثاءب.

- «هجوم لسمكة قرش؟».

لا بُد أنك يائسة حقًّا.

حصان سباق يكسر ساقه؟

لوحة تالفة في اللوڤر؟

رئيس وزراء مصاب بالفَتق؟

سقوط نيزك؟

ديوك رومي مجمَّدة تنقل عدوى ڤيروسية؟

حريق في غابة؟

أقول لها: لا.

حزين أكثر من اللازم.

فني أكثر من اللازم.

سياسي أكثر من اللازم.

لا يهم كثيرين.

مقزِّز جدًّا.

بلا جاذبية.

- «تدفُّق للحمم البركانية؟».

بطيء أكثر من اللازم، لا يحمل ما يكفي من الدراما، ولن يُسفر إلا عن بضع خسائر في الممتلكات في الغالب.

المشكلة أن أفلام الكوارث جعلت الجميع يتوقَّعون أكثر من اللازم من الطبيعة.

تأتي النَّادلة حاملةً الدجاج المحمَّر وفطيرة مارينج الليمون وتعيد ملء قدحي القهوة، ثم تبتسم وتذهب لتموت.

تتصفَّح فرتيليتي كتابها جيئةً وذهابًا.

بدأت فطيرة الكرز هجومها على أحشائي. سپوكان بالخارج والهواء المكيَّف بالداخل، ولا أرى نمطًا في أيِّ شيء.

تقول فرتيليتي هوليس:

- «ماذا عن سرب من النحل القاتل؟».

أين؟

- «في دالاس».

متى؟

- «صباح الأحد القادم في الثامنة وعشر دقائق».

كم العدد؟ قليل؟ كثير؟ متوسِّط؟

- «ملايين».

ممتاز.

تتنهَّد فرتيليتي وتبدأ أكل دجاجها المحمَّر قائلةً:

- «شِت! كنت أعرف أن هذا ما ستختاره من البداية».

مشاركة من المغربية ، من كتاب

الناجي الأخير

هذا الاقتباس من رواية