محنة ثقافة مزورة > اقتباسات من كتاب محنة ثقافة مزورة > اقتباس

في عصر بني العبّاس, كان على المؤرخ المسلم أن يستقبل خليفة اسمه (السفاح) ويلحق نسبه ببيت الرسول, ويناصره على أعدائه الأمويين, ويلعنهم إلى يوم الدين, لكنه لم يلعنهم لأنهم سرقوا حقّ الناس بل لأنهم يشربون الخمر ويشترون الجواري ويسمعون الغناء, فسرقة حق الناس جريمة ارتكبها السفاح أيضاً, ومن شأنها أن تجمعه مع أعدائه في خانة لعينة واحدة.. في وقت لاحق عاد العباسيون فتعلموا بدورهم أن يشربوا الخمر ويشتروا الجواري ويسمعوا الغناء لكنّ المؤرخ المسلم كان مضطراً هذه المرة إلى أن يسجل الحادثة من دون لعنات!!

في عصر الفاطميين كان على الفقهاء في القاهرة أن يطعنوا في شرعية العباسيين وكان على الفقهاء في بغداد أن يطعنوا في شرعية الفاطميين, وكان على المؤرخ المسلم أن يسجل هذه المعركة النظرية من دون أن يشير من جانبه إلى أنها معركة نظرية جداً, وأنّ الشرعية مصدرها الحكم الجماعي وليس نسب الخليفة إلى رسول الله, فالشرعية الجماعية تلغي نظرية العباسيين والفاطميين على حد سواء, مما يضع رأس المؤرخ المسلم حيث يلتقي السيفان!!

لقد كُتب التاريخ الإسلامي من منظور فرضته ظروف الرقابة السياسية والتزم سلفاً بأن يصبح تاريخاً تسجيلياً منحازاً لايرى الأحداث من واقع الناس بل من واقع الدولة, وهي زاوية شديدة الانحراف.

مشاركة من المغربية ، من كتاب

محنة ثقافة مزورة

هذا الاقتباس من كتاب